آخر الأخبار

spot_img

‏من هم الدروز وماذا نعرف عن عقيدتهم ودورهم في السياسة والمجتمع؟

صحيفة الثوري- فرانس برس: 

**المذهب والعقيدة

نشأت الدعوة الدرزية في مطلع القرن الحادي عشر، وهي متفرعة من المذهب الاسماعيلي، ثاني أكبر الفروع لدى الشيعة بعد الاثني عشرية.
يؤمن الموحدون الدروز بالله “الواحد الأحد، خالق السموات والأرض”، وبملائكته ورسله وأنبيائه، واليوم الآخِر، بحسب الموقع الالكتروني لمشيخة العقل، وهي أعلى مرجعية دينية لهم في لبنان.
وفي ما قد يفسّر خصوصية تعاليمهم التي يقتصر تداولها على أبناء الطائفة، ينطلق الدروز في عقيدتهم من “خطاب ظاهر وخطاب باطن”، بحسب ما يؤكد لفرانس برس مطلّعٌ على شعائرهم طلب عدم الكشف عن اسمه.
ويتحدث عن ارتكاز التعاليم على “مرحلة ناضجة من توحيد الاله” مبنية على سياقات طويلة من الأديان التوحيدية، أثّرت فيها أفكار أفلاطون عبر مزج المفاهيم الدينية بالفلسفية.
يعتمد الدروز سبع وصايا أساسية منها “صدق اللسان” و”حفظ الاخوان” و”البراءة من الأبالسة والطغيان”، ويؤمنون بالتقمص الذي “هو جزء من العقيدة”.
في اليوميات، يشتركون في مناسبات دينية مع مذاهب أخرى، تشمل “تجمعات يومية خلال الأيام العشرة قبل عيد الأضحى، يتخللها أداء تلاوة دينية وبعض العبادات وبعض الاشعار والروحانيات، وتكون تكريسا للمبادئ الأساسية السبع… التي اذا مارسها الموحد، فهو يمارس التوحيد الصحيح”.
كما يحيون رأس السنة الهجرية، ويؤدون الزكاة “كلّ حسب قدرته”.
يجتمع مشايخهم ليلة الخميس الجمعة لأداء طقوس وعبادة وتلاوة، في ما يشكّل تعبيرا عن “مبدأ حفظ الاخوان والعبادة الجماعية والتواصل مع بعضهم”.
وتبقى تعاليم الطائفة ضمن أبنائها، ومن غير المستحب أن يرتبطوا بشركاء حياة من خارجها، على رغم وجود بعض حالات الزواج المختلط.

‏**الأعداد والانتشار
تُقدّر أعداد الدروز الذين يرتدي المتدينون منهم من الرجال الزي الأسود والقلنسوة البيضاء، وتغطي النساء رؤوسهن وقسما من وجوههن بوشاح أبيض مع زي أسود طويل، بأكثر من مليون.
تتركز غالبية أتباع الدعوة الدرزية في مناطق جبلية في لبنان وسوريا والأراضي الفلسطينية والأردن.
يقدّر تعدادهم في سوريا بنحو 700 ألف يعيش معظمهم في جنوب البلاد حيث تعد محافظة السويداء معقلهم، كما يتواجدون في مدينتي جرمانا وصحنايا قرب دمشق، ولهم حضور محدود في إدلب، شمال غرب البلاد.
وفي لبنان، يُقدّر عددهم بنحو 200 ألف، ويتركزون في جبال وسط البلاد خصوصا الشوف وعاليه والمتن الأعلى، ومناطق عند امتداد السفح الغربي لجبل الشيخ مثل حاصبيا وراشيا.
في إسرائيل، يتوزعون على أكثر من 20 قرية في الجليل وجبل الكرمل وهضبة الجولان المحتلة. ويبلغ عدد حاملي الجنسية الإسرائيلية 153 ألفا، وفق دائرة الاحصاء المركزي. يضاف إليهم نحو 23 ألفا في الجولان، غالبيتهم العظمى تحمل إقامات إسرائيلية دائمة.
ووفق مركز التراث الدرزي في اسرائيل، تعترف إسرائيل بالطائفة “بصفتها كيانا منفردا له محاكمه الخاصة وقيادته الروحانية المستقلة”.
**انتقل البعض الى الأردن حيث يُقدّر وجود ما بين 15 و20 ألف درزي، خصوصا في الشمال.
هاجرت أعداد صغيرة الى مختلف أنحاء العالم مثل أميركا اللاتينية وجنوب شرق آسيا وأستراليا، إضافة الى الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

‏**الدور السياسي للدروز.. صراع نفوذ على امتداد ثلاث دول
على رغم كونهم أقلية، أدى الدروز في الشرق الأوسط “دورا مهما وأحيانا رائدا، في الحياة السياسية والاجتماعية في المنطقة، وفي شؤونها الاقتصادية والاجتماعية”.
وعاد ذلك غالبا الى زعماء إقطاعيين أو عائليين كان لهم تأثير كبير في صناعة دور الأقلية بشكل تخطى حجمها.
ففي لبنان، أدى الزعيم كمال جنبلاط دورا سياسيا محوريا اعتبارا من الخمسينات من القرن الماضي وحتى مطلع الحرب الأهلية (1975-1990)، الى حين اغتياله في 1977.
وفي سوريا، منح الانتداب الفرنسي عام 1921 جبل الدروز استقلاله الإداري، وظل كذلك حتى 1937. لكن هذه الفترة شهدت قيام أحد أبرز الشخصيات الدرزية سلطان باشا الأطرش، بقيادة ثورة كبرى ضد الفرنسيين اندلعت عام 1925.
أما في إسرائيل، فالدروز “منخرطون بالكامل في الدولة… ويخدمون في الجيش. ما يمنحهم هامشا أكبر مع الدولة”.
عقب اندلاع النزاع في سوريا، حيّد الدروز أنفسهم عن تداعياته، فلم يحملوا إجمالا السلاح ضد النظام ولا انخرطوا في المعارضة باستثناء قلة.
ولم يتوصل الدروز الذين ينضوون ضمن مجموعات مسلحة عدة في مناطق وجودهم، لاتفاق بعد مع السلطات الجديدة التي تولت الحكم إثر إطاحة بشار الأسد،.
وأسفرت اشتباكات دامية اندلعت في منطقتين قرب دمشق، وامتدت تداعياتها الى السويداء، عن مقتل 119 شخصا على الأقل بينهم مسلحون دروز وقوات أمن، في مواجهة دموية تدخلت خلالها إسرائيل عبر شنّ غارات جوية وتحذير دمشق من المساس بأبناء الطائفة.
وفي تباين سياسي نادر، اختلفت المواقف حيال الأحداث الأخيرة.
فالزعيم اللبناني وليد جنبلاط، نجل كمال، حذّر من جرّ الطائفة الى “حرب لا تنتهي” مع المسلمين، بينما أكدت مراجع دينية وفصائل عسكرية درزية سورية أنها “جزء لا يتجزأ” من البلاد. في المقابل، حضّ رجال دين سوريون والزعيم الروحي لدروز اسرائيل الشيخ موفق طريف على حماية دروز سوريا.
هذه الأطراف “لديها أجندات مختلفة، والأهم، ثمة صراع نفوذ على امتداد ثلاث دول”.