آخر الأخبار

spot_img

هل يستطيع دونالد ترامب “إبادة الحوثيين تماماً” في اليمن؟

“صحيفة الثوري” – ترجمات:

قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن إدارته ستضمن أن يتم “إبادة الحوثيين تمامًا” في اليمن — وهو يعمل على تعزيز القوة العسكرية الأمريكية لإثبات ذلك. في الأشهر الأولى من ولايته الثانية، صعّد ترامب الضربات العسكرية الأمريكية ضد جماعة الحوثي ردًا على هجماتهم ضد الملاحة الدولية في البحر الأحمر. وقد أسفرت الحملة العسكرية الأمريكية المتجددة عن أضرار كبيرة حتى الآن.

واستهدفت الحملة مستودعات أسلحة وطائرات مسيّرة ومخازن صواريخ، في محاولة لإضعاف قدرة الحوثيين على تهديد طرق التجارة في البحر الأحمر.

وبالتوازي مع الخسائر المتتالية التي تكبّدها حلفاء إيران الآخرون في المنطقة، قد يبدو أن نهاية الحوثيين مسألة وقت فقط. لكن مثل هذا الافتراض يستخف بقدرة الحوثيين على الصمود، وتكيفهم الاستراتيجي، وتأثيرهم المتجذر داخل اليمن.

وتفرض التحديات المتعلقة باستهداف الحوثيين على إدارة ترامب الاعتراف بأن النهج العسكري وحده لن يحقق هدف “الإبادة التامة” الذي تسعى إليه واشنطن.

في الأسبوع الماضي، اتخذت واشنطن خطوة مهمة لتوسيع حملتها ضد الحوثيين إلى ما يتجاوز القوة العسكرية، حيث أعلنت عن عقوبات استهدفت شقيقين أفغانيين مقيمين في روسيا ساعدا سعيد الجمل في تنظيم شحنات من الحبوب الأوكرانية المسروقة من القرم إلى اليمن. ومع ذلك، فإن استراتيجية ترامب تجاه الحوثيين ستتطلب نهجًا أكثر تعقيدًا يعمّق من هذه الجهود غير العسكرية.

ينبغي على إدارة ترامب تبنّي استراتيجية متعددة الأوجه، تجمع بين تكثيف عمليات الاستخبارات الميدانية، وتعزيز اعتراض الشحنات البحرية، والدبلوماسية الإقليمية للضغط على الفاعلين الخارجيين — لا سيما روسيا والصين — لوقف دعمهم للحوثيين من خلال الحوافز الاقتصادية مثل تخفيف العقوبات أو التهديد بفرض رسوم جمركية إضافية.

صمود الحوثيين

رغم التدخل العسكري القوي الذي شنّه التحالف الدولي بقيادة السعودية ضد الحوثيين منذ سيطرتهم على العاصمة صنعاء عام 2014، حافظ الحوثيون على سيطرتهم في اليمن، بل ووسّعوها. وتحولت الجماعة المتمردة الصغيرة إلى قوة عسكرية كبيرة، بمساعدة دعم دولي متزايد مكّنها من توسيع تهديداتها البحرية.

واحدة من أكبر التحديات في القضاء على الحوثيين تتمثل في تحييد قيادتهم، خصوصًا زعيمهم الكاريزمي عبد الملك الحوثي، الذي يلعب دورًا محوريًا في التنظيم منذ توليه القيادة عام 2004.

وعلى عكس جماعات أخرى مدعومة من إيران، يتمتع الحوثيون ببنية شبه سلالية ومركزية عالية تتمحور حول عبد الملك وأسرته. وإن كان القضاء عليه سيمثّل ضربة كبيرة للجماعة، فإن غياب خليفة واضح قد يُجبرها على الانشغال بصراعات داخلية بدلاً من العمليات الهجومية. ومع ذلك، فإن استهدافه يُعد مهمة بالغة الصعوبة.

ثغرات في الاستراتيجية الأمريكية: مزيج القوة الصلبة والناعمة

تُعد قدرة الولايات المتحدة على تتبع عبد الملك الحوثي محدودة بسبب نقص الاستخبارات الميدانية في اليمن، وهو ما أقرّت به واشنطن في وقت سابق، حين واجهت صعوبات في تقييم نتائج عملياتها العسكرية ومعرفة حجم ترسانة الحوثيين نتيجة ضعف المعلومات.

كما أن مواجهة رواية الحوثيين الدعائية التي تستغل الضربات الجوية والبُنى التحتية المتضررة والضحايا المدنيين، تتطلب أساليب أكثر دقة.

وأخيرًا، لمنع الحوثيين من إعادة التمركز، على الولايات المتحدة قطع طرق إمدادهم، خصوصًا من شركائهم الدوليين. وقد كانت الجهود الأمريكية في اعتراض شحنات الأسلحة الإيرانية للحوثيين غير منتظمة، بسبب تغيّر أولويات المنطقة والرغبة في تجنّب التصعيد مع طهران.

جهود إيران لتفادي الاكتشاف

لجأت إيران إلى تكتيكات مختلفة لتفادي اكتشاف عمليات التهريب، منها استخدام قوارب تمويه، ونقل الأسلحة في عرض البحر، وتغطية الشحنات بصيد السمك، أو إخفائها في سفن شحن مدنية. وفي الواقع، تم اعتراض حوالي 20 سفينة تهريب إيرانية فقط بين 2015 و2024.

خلال تلك الفترة، أعلن الحوثيون عن تقنيات جديدة مقلقة، يُعتقد أنها إيرانية الأصل جزئيًا، منها صاروخ يقولون إنه قادر على بلوغ سرعات فرط صوتية، وطائرات هجومية مسيّرة.

لقطع هذه الشحنات بشكل فعّال، ستحتاج الولايات المتحدة إلى تكثيف دورياتها البحرية في البحر الأحمر وخليج عدن، والتعاون مع حلفاء الخليج لسد طرق التهريب، وتزويد خفر السواحل اليمني برادارات وتقنيات متقدمة وزوارق دورية تعزز قدراته على المدى الطويل.

مشهد متغير

حتى لو نجحت واشنطن في وقف شحنات إيران، فإن الحوثيين يسعون لتوسيع شركائهم خارج الدائرة الإيرانية.

فقد أشارت تقارير في أغسطس إلى وجود ضباط استخبارات روس في مناطق الحوثيين، يقدمون دعمًا تقنيًا مهمًا. كما وُجهت اتهامات بصفقة أسلحة روسية صغيرة بقيمة 10 ملايين دولار، وادعاءات موثوقة بأن موسكو زوّدت الحوثيين ببيانات استهداف لهجماتهم البحرية، وتدرس بيعهم صواريخ مضادة للسفن متقدمة.

وقد يساعد تعميق العلاقات بين الحوثيين وبكين في إعادة تشكيل قوتهم. إذ تدّعي مصادر استخباراتية أمريكية أن الصين توفّر للحوثيين مكونات متقدمة وتكنولوجيا توجيه مقابل مرور آمن لسفنها في البحر الأحمر. هذا يتطلب من واشنطن توسيع اتفاقيات تبادل المعلومات الاستخباراتية، ونشر تقنيات مراقبة متطورة، والعمل بشكل وثيق مع شركاء الخليج لتعزيز الأمن البحري.

كذلك، يجب أن تركز واشنطن على تقوية الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، المعروفة بمجلس القيادة الرئاسي (PLC)، عسكريًا وعبر مشاريع تنموية تعزز الحوكمة والاستقرار الاقتصادي. قد تشمل هذه الجهود شراكات لإعادة تنشيط إنتاج وتوزيع النفط والغاز في اليمن، بالإضافة إلى تقديم خبرات فنية لتحسين الإدارة المالية والشفافية في القطاع العام.

إلى جانب تدريب أمني لقوات خفر السواحل التابعة للمجلس، سيساعد ذلك على بناء بديل حقيقي لحكم الحوثيين، وتعزيز البنى المحلية والتحالفات القبلية التي يمكن أن تقوّض قاعدة دعم الحوثيين من الداخل.

ورغم أن القوة العسكرية قد تُضعف الحوثيين مؤقتًا، فإن إضعافهم بشكل فعّال — وربما إنهاؤهم — يتطلب من المجلس الرئاسي أن يحكم بفعالية، ويستعيد شرعيته، ويقدم بديلاً حقيقياً لليمنيين الخاضعين لسيطرة الحوثيين. وعلى إدارة ترامب أن تضع هذه الغايات في اعتبارها أثناء صياغة استراتيجيتها تجاه الحوثيين.

* المجلس الأطلسي – ايميلي مليكن