آخر الأخبار

spot_img

الحقبة السلمانية

“صحيفة الثوري” – كتابات:

م/ ناجي الحنيشي*

 توطئة:

((في زيارتي الأخيرة للمملكة كنت أقضي الوقت بكتابة تدوينات زائر مسافر، خلال إقامتي كتبت ثلاثة أجزاء تحت هذا العنوان: “الحقبة السلمانية”، الأول عن “أمير التجديد” والثاني عن “رؤية ٢٠٣٠” والثالث عن “المكانة الدولية للتي تحتلها المملكة بقيادتها”. نُشرت الحلقة 1 و 2 على شبكات التواصل الاجتماعي، فيما بقت الحلقة 3 دون نشر، ولهذا ارتئيت إعادة تقويم الحلقات ودمجهم في حلقة واحدة لتسهيل القراءة على المهتمين عوضاً عن حلقات متتالية، مع أملي أن يجد المتلقي بين سطورها ما يفيد، وفي المجمل ما شاهدناه وما حاولنا تدوينه يفوق ما قرأناه أو سمعناه سابقاً)).

(١) أمير التجديد :

غدا معروفاً أن الأمير محمد بن سلمان، يعتبر بحقٍ مُجدد المملكة وقائد نهضتها المعاصرة، إذ يقود المملكة بخطى ثابتةٍ نحو مستقبل مشرق ، ويحقق إنجازات تاريخية في مختلف المجالات. هنا سنجد

المملكة بعد ثمان سنوات غير المملكة ما قبلها. صحيح القادة النادرون لا يأتون إلا نادراً وحين تكون الأمم بأشد الحاجة لهم .. وهذا ما نعنيه بالحقبة السلمانية بعنصريها الآباء والأبناء.

ثمان سنوات تقريباً منذ وصوله إلى سدة قيادة المملكة، وهي قصيرة بحساب الزمن، لكنها حافلة بإنجازات تاريخية مذهلة. إنه القائد الفذ الأمير/ محمد بن سلمان آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الذي يُعد وبحق مُجددً المملكة وقائد نهضتها المعاصرة وربان سفينتها للمضي بخطى ثابتة نحو مستقبل مشرق.

اليوم المملكة في عهده غير ما قبله، يجدها الزائر أو الباحث واقعياً، صحيح القادة النادرون لا يأتون إلا نادراً، وهذا ما نعنيه كما اسلفنا بالحقبة السلمانية بعنصريها الآباء والأبناء. ورغم حداثة وصول الإبن إلى دفة قيادة المملكة، إلا أن فترته منذ بداياتها كانت توحي بأننا أمام شخصية نادرة قيضها الله في مرحلة هي من أصعب مراحل العرب، استطاع بذكاء الواثق ومقدرة الحكيم أن يعيد للمملكة وللشعوب العربية آمال لا حدود لها، في مجملها تؤشر بأنهم سيلجون عصر التقدم والإزدهار بكل جدارة واقتدار، وإن مرحلة الخلافات والبغضاء والكره تجاه بعضهم البعض -لربما- ولّى زمانها ومضى أوانها.

لسنا بصدد كتابة الكثير مما يميز هذا القائد العربي الطموح، فمهما قيل عنه لن يفيه حقه، فيما الوقائع ومجرياتها ونتائجها وتأثيراتها

كافية، لإعفاء المرء وإن كان باحثاً عن تكرار ما غدا واضحاً أمام العالم. صحيح الأمير محمد بن سلمان يمتلك صفات قيادية نادرة جعلت منه أحد أفضل القادة الشباب الذين تسلّموا قيادة الشعوب والأمم، ومع ذلك يبقى ما يميزه:

رؤية طموحة: يتمتع سموه برؤية طموحة للمملكة، إذ يسعى إلى جعل المملكة في مصاف الدول المتقدمة عالمياً في جميع المجالات.

-عزيمة وإصرار : يتميز محمد بن سلمان بعزيمة وإصرار كبيرين على

تحقيق أهدافه، حيث لا يتوانى عن بذل قصارى جهده لتحقيق رؤيته الفذة.

-حكمة القيادة: يتمتع بحكمة قيادية مكنته من اتخاذ قرارات صائبة في الوقت المناسب ليقود المملكة نحو مستقبل أكثر إشراقا.

-شعبية عالية: يحظى بشعبية جارفة في المملكة وخارجها، فمثلما حظي وعلى نحو متعاظم بحب الشعب السعودي ، ينال كذلك وعلى نحو واسع حب الشعوب العربية المعجبة بجهوده وإنجازاته وهمته العالية، خاصة وأنه يجسد نوعاً نادراً للقيادة الكفؤة والمقتدرة.

(٢) رؤية٢٠٣٠:

هي رؤية طموحة تهدف الى تطوير المملكة في شتى المجالات وتعزيز مكانتها الدولية كقوة اقتصادية وسياسية رائدة ومؤثرة ، كما تهدف كهذا رؤية طموحة الى تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط وتطوير القطاعات الاخرى ،مثل الصناعة والسياحة والتكنولوجيا.. الخ، كما أنها تركز على الاستثمار الفعال في التعليم والصحة والبنية التحتية، على طريق تحقيق رؤية ٢٠٣٠ أطلق سموّه العديد من المشاريع العملاقة، مثل مشروعات (نيوم / القدية / ذا لاين / البحر الأحمر / وفي ذات الوقت وضع إصلاحات مهمة شاملة، هدفت إلى تحسين مناخ الإستثمار وجذب الإستثمارات الأجنبية وتعزيز دور القطاع الخاص، وأفرد لتطوير البنية التحتية حيزاً كبيراً في برنامج تطوير المملكة، إذ شهد هذا القطاع في عهده تطوراً كبيراً ونهوضاً غير مسبوق، حيث أنشأت العديد من الطرق والجسور والمطارات والموانئ، ومؤخراً تم افتتاح مترو الرياض المرحلة الأولى، مما وفر فرص عمل لآلاف الشباب وتمكينهم عبر طائفة واسعة من البرامج والمبادرات التي تهدف الى تنمية مهاراتهم وتأهيلهم لسوق العمل. وفي مجال تعزيز دور المرأة قام سموه بإصلاحات تاريخية لتعزيز دورها في المجتمع، عبر إصلاحات جوهرية مكنتها من دخول سوق العمل أكثر من أي وقت مضى، بالإضافة إلى احتلالها

لمناصب عليا، ناهيكم عن رفع الكثير من القيود على حريتها، أما في جانب التراث والثقافة فقد اختط بادرة جديدة في تاريخ المملكة الحديث، عبر العديد من المبادرات التي تهدف للحفاض على التراث وتشجيع الإبداع الثقافي المتميز وفوق كل ذلك اختط سياسية فاعلة لمحاربة الفساد بكل أشكاله وانوعه، وأصبح هذا الهدف على رأس قائمة مهام الحكومة..

في عام 2023م أي بعد ستة سنوات من وصوله إلى أعلى هرم قيادة المملكة، احتلت المملكة المرتبة 19 في قائمة مجموعة ال 20 العالمية، أقوى اقتصاديات العالم، وتهدف الرؤية إيصال المملكة الى المركز 15 بين اقتصاديات العالم بحلول عام 2030م إن لم تتخطى ذلك المؤشر، ووفق احصائيات سعودية ودولية بلغ حجم الناتج المحلي الاجمالي 60% منذ اطلاق رؤية (2030)في العام 2016م، فيما وصل الى 4،1 ترليون ريال سعودي، أي 1.1 ترليون $ وارتفع الاستثمار الاجنبي المباشر بنسبة 52% نهاية عام 2024م وبلغ معدل نمو الاقتصاد 4.26 تريليونات ريال وسيرتفع الى 4.49 تريليونات نهاية العام 2025م و4.77 في العام 2026م.

(3) المكانة الدولية:

تتمتع المملكة العربية السعودية بمكانة دولية مرموقة ودور فاعل في ميدان العلاقات الدولية، وذلك بفضل عدة عوامل منها:

أولا: الثقل السياسي والاقتصادي: 

جاء ثقلها وتأثيرها في ميدان العلاقات الدولية حتى غدت قوة ذات تأثير لا حدود له، من العوامل أدناه:

١- موقع استراتيجي: تتمتع المملكة بموقع جغرافي هام يربط بين قارات العالم، مما يجعلها مركزاً للتجارة والنقل الدوليين.

٢- اقتصاد قوي: تعتبر المملكة أكبر منتج ومصدر للنفط في العالم، مما يمنحها نفوذًا اقتصاديًا كبيرًا، إذ تحتل المركز ١٧ بين الدول العشرين.

٣- دور قيادي: تلعب المملكة دورًا قياديًا في المنطقة العربية والعالم الإسلامي، وتسعى دائمًا إلى تحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة.

منذ فترات طويلة تولت المملكة وبقوة دعم القضية الفلسطينية وموازرة الحق الفلسطيني دون المساومة على حقوق الفلسطينيين، بما في ذلك حقهم في العودة الى وطنهم واقامة دولتهم الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

ثانياً: التأثير الديني والثقافي: يتجلى دور المملكة في هذا الجانب من عوامل مهمة لا يحوزها الى المملكة وحدها، من بينها:

-المكانة الدينية: تحتضن المملكة الحرمين الشريفين، وهما أقدس الأماكن في الإسلام، مما يجعلها مركزاً روحياً للمسلمين في جميع أنحاء العالم.

-نشر الإسلام: تقوم المملكة بدور هام في نشر الإسلام وتعزيز التضامن الإسلامي من خلال العديد من المؤسسات والبرامج.

-الحوار بين الأديان: تسعى المملكة إلى تعزيز الحوار والتفاهم بين الأديان والثقافات المختلفة، وتؤمن بأهمية التعايش السلمي بين الشعوب.

ثالثاً: السياسة الخارجية المتوازنة: تقوم سياسة المملكة الخارجية على الاسس التالية:

الاعتدال والحكمة: إذ تعتمد المملكة في سياستها الخارجية على مبادئ الاعتدال والحكمة وتسعى إلى حل النزاعات بالطرق السلمية.

التعاون الدولي: تؤمن المملكة بأهمية التعاون الدولي، وتسعى إلى بناء علاقات قوية مع جميع دول العالم على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.

الدفاع عن القضايا العادلة: تدافع المملكة عن القضايا العادلة في العالم، وتسعى إلى تحقيق السلام والعدل والاستقرار في المنطقة والعالم.

رابعاً : المشاركة الفاعلة في المنظمات الدولية:

– المملكة عضو فاعل في الأمم المتحدة وتشارك بفاعلية في أعمال هذه المنظمة الدولية، وتسهم في جهودها لتحقيق السلام والأمن الدوليين.

– جامعة الدول العربية: تعتبر المملكة من الدول المؤسسة لجامعة الدول العربية، وتسعى إلى تعزيز التعاون والتضامن بين الدول العربية.

منظمة التعاون الإسلامي: تشارك المملكة بفاعلية في أعمال منظمة التعاون الإسلامي، وتسعى إلى تعزيز التعاون والتضامن بين الدول الإسلامية.

– مجموعة العشرين: تشارك المملكة في مجموعة العشرين، وهي أهم مجموعة اقتصادية في العالم، وتسهم في جهود المجموعة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي العالمي.

خامساً: المساعدات الإنسانية: اتبعت المملكة نهج الدعم المباشر والغير مباشر حيث الحاجة ملحة وضرورية، وبالمختصر تحرص المملكة على هذا الصعيد بالآتي:

١- دعم الدول المحتاجة: دأبت المملكة على تقديم مساعدات إنسانية للدول المحتاجة في جميع أنحاء العالم، وتسهم في جهود الإغاثة والتنمية.

٢- يعتبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية: من أهم المؤسسات الإنسانية في العالم، إذ يقدم مساعدات للمتضررين من الكوارث الطبيعية والنزاعات وعنوانه الأبرز: نحو انسانية بلا حدود.

سادساً: رؤية 2030: مثلت رؤية ٢٠٣٠ خطةاستراتيجية طموحة لتطوير المملكة على مختلف الاصعدة بما يحقق الآتي:

تطوير شامل: تهدف رؤية 2030 إلى تطوير المملكة في جميع المجالات، وتعزيز مكانتها الدولية كقوة اقتصادية رائدة.

– تنويع الاقتصاد: تسعى رؤية 2030 إلى تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط، مما يعزز استقلال المملكة الاقتصادي.

– الاستثمار في المستقبل: تركز رؤية 2030 على الاستثمار في التعليم والصحة والبنية التحتية، مما يحقق المزيد من النجاحات سواءً العامة او الخاصة، بمعنى آخر ستعود بقدر غير مسبوق على حياة المواطن السعودي.

سابعاً: التحديات: على الرغم من النجاحات المحققة والتي ستحقق على المدى المنظور، فان هناك مجموعة من التحديات الماثلة امام القيادة السعودية، من بينها:

-التوترات الإقليمية: إذ تواجه المنطقة العديد من التوترات والنزاعات، وتسعى المملكة إلى حل هذه النزاعات بالطرق السلمية.

-الإرهاب: تعتبر المملكة من الدول التي تحارب الإرهاب، وتسعى إلى القضاء على هذه الظاهرة التي تهدد الأمن والإستقرار في العالم.

-التغيرات المناخية: تواجه المملكة شأنها شأن الدول الأخرى تحديات كبيرة بسبب التغيرات المناخية، غير أن القيادة السعودية تسعى على قدما وساق باتخاذ إجراءات فاعلة للحد من آثار هذه التغيرات.

ثامناً: المستقبل: بناء على النجاحات المحققة خلال فترة قصيرة، يمكن لأي باحث استشفاف مستقبل ايجابي كبير يتمثل في:

– دور محوري: بدأ يتشكل وبقوة للمملكة دور محوري في المنطقة والعالم، وتتبع قيادتها مفاهيم وأساليب جديدة ولربما فريدة، لتطويره ومضاعفته بالإسهام في تحقيق السلام والاستقرار والتنمية.

– قيادة عالمية: لا شك بأن المملكة اليوم قد غدت قوة عالمية رائدة في جميع المجالات، إذ تسعى إلى تعزيز وتجذير نهج تحقيق التنمية المستدامة للمملكة والعالم.

 

ختاماً: وأنا اختم تدويناتي لا تفوتني الإشارة إلى أن هذه التدوينات تضل غير كافية للحديث عن النقلة النوعية الكبرى التي تشهده المملكة بقيادتها المتجددة بعنصريها الآباء والأبناء، غير أنها محاولة صادقة لأجل واقع جديد متطور، سيكون له أثر إيجابي لا على الشعب السعودي فحسب بل وعلى الشعوب العربية قاطبة بهذا الشكل أو ذاك، وما تحقق خلال الفترة القصيرة الماضية وما سيتحقق مستقبلا يمثل نموذج مسار تطور شامل يحتذى به، وما على الشعوب العربية حكاماً ومحكومين إلا استلهام تجربة أمير التجديد وهي كفيلة بإزالة عوائق التقدم والازدهار.

 

*عضو اللجنة المركزية للحزب، سكرتير أول منظمة الحزب الاشتراكي اليمني محافظة مأرب