آخر الأخبار

spot_img

“السندريلا” حكاية يمنية سطا عليها الطليان

صحيفة الثوري- ثقافة:

د. عبده الكوري

أصل الحكاية …. 4

(فقرات رمضانية مفيدة… ينقلها ويجمعها لكم من مصادرها خلال أيام الشهر الكريم د/ عبد الصمد الكوري)

“السندريلا” حكاية يمنية سطا عليها الطليان

الكثير منا بلا شك سمع أو قرأ عن قصة «السندريلا»، فهي من أشهر الروايات الشعبية العالمية، لكن لا أحد يعرف أن أصل وحكاية تلك القصة هي قصة من الأدب الشعبي اليمني، اسمها «وريقة الحناء»، والقليل منا أيضاً من قرأها أو سمع عنها.

يقول الباحث الكويتي “مهنا المهنا” إن “وريقة الحناء” أسطورة يمنية عمرها يزيد عن الألفي عام، وهي حكاية تناقلتها الجدات للأحفاد منذ مئات السنين، لتنتقل بعدها عن طريق الرحالة العرب عبر بلاد الأندلس، فجسدها الإيطاليون على أنها موروث شعبي لهم، وأسطورة إيطالية تحت مسمى “سندريلا”.

“… وريقة الحناء” قصة تداولتها ألسن العجائز في قرى وريف اليمن، فالتصقت بشغاف ذاكرتنا حين كنا صغارًا، وحين كبرنا استُبدلت من أذهاننا بحكاية السندريلا كتراث وموروث شعبي أوروبي عالمي.

“وريقة الحناء” أوردها الأديب علي محمد عبده الأغبري في كتابه الرائع حكايات وأساطير يمنية، الجامع لتلك الحكاوي الشعبية الشيقة، وأُخرجت في مسلسل إذاعي ومسلسل تلفزيوني في ثمانينيات القرن الماضي، في إطار التعاون بين التلفزيون اليمني والمصري حينها، وشارك فيها ممثلون يمنيون وعرب كبار، من ضمنهم الفنانة العربية المصرية أمينة رزق وإحسان القلعاوي.

“وريقة الحناء” هو اسم فتاة جميلة ماتت أمها، فتزوج والدها من أرملة لها بنت من زوج سابق. تعيش وريقة الحناء وضعًا من التمييز ضدها من قبل زوجة أبيها، فتثقل عليها أعمال البيت وأعمال الرعي، وتحاول منعها من الخروج أو الذهاب إلى الحفلات العامة. لكن لحسن خلقها وطريقتها المهذبة في تعاملها مع الآخرين وكرمها، تتعرف الفتاة على امرأة عجوز تحاول مساعدتها دائمًا، إلى أن حضرت حفلًا أقامه ابن السلطان، فأُعجب بها ثم تزوجها.

تمامًا كتلك القصة التي ترويها حكاية السندريلا على اعتبار أنها من الأدب الشعبي الغربي، بينما واقع الأمر يقول إنها جزء من أساطيرنا العربية في اليمن.

والطريف أن حكاية وريقة الحناء تستمر في سرد معاناة الفتاة حتى بعد زواجها من ابن السلطان، فالتآمر ضدها ما زال مستمرًا، وتتداخل في القصة حبكة الواقع بالخيال بأسلوب مشوق يضفي عليها صبغتها اليمنية، ويربطها بالأرض والطبيعة، إذ تتحول الفتاة بسبب ذلك التآمر إلى طائر عديم الحيلة اسمه “الجولبة”، وهو نوع من اليمام شديد الالتصاق والقرب من الفلاح اليمني… ذلك البَتُول الذي يحرث الأرض ويرويها بعرقه صبح مساء.

البَتُول المتغني بالطبيعة والمطر الذي انهمر على الأرض دون سابق إنذار لم يكن مطرًا مألوفًا، بل كان مطرًا هطل في غير موعده فأعاق عمله، وكان سببه الغناء والدموع الحزينة المنهمرة من عيني طائر الجولبة المتجسدة فيه هيئة الفتاة الجميلة “وريقة الحناء”، فكانت تلك الدموع الحزينة هي المطر، وهي الغيث، وهي نقطة الخلاص من معاناة الفتاة، كما هو حال وواقع الأرض اليمنية دائمًا وعلى مر الأزمان.

“وريقة الحناء” هو أيضًا اسم لوحة تشكيلية جميلة استوحاها من الأسطورة الفنان التشكيلي اليمني ردفان المحمدي، وفازت بجائزة رؤى العربية مؤخرًا.

ومؤخرًا، وفي برنامج رحلة في الذاكرة من تلفزيون روسيا اليوم في يناير 2025، الذي يقدمه الإعلامي خالد الراشد، أوضح البروفيسور ليونيد كوجن، المختص في علم اللغة وآدابها، أن أصل حكاية “السندريلا” هو سقطري المنشأ، مع الاختلاف في أسماء الشخصيات وبعض الحبكة الحكاوتية، فالأب هنا هو صياد السمك، وسندريلا اسمها في سقطرى “مهازيمه”، والتي تعني المظلومة بالسقطرية، مؤكدًا أن الحكاية السقطرية أقدم بكثير من الحكاية الأوروبية.

المصادر:

  • جريدة الجريدة الكويتية – 16/01/2015
  • كتاب حكايات وأساطير يمنية – علي محمد عبده
  • برنامج رحلة في الذاكرة – يناير 2025