“صحيفة الثوري” – تقارير:
ربيع صبري
بعد عدة تظاهرات نفذها المعلمون في مدينة تعز للمطالبة بتسوية رواتبهم، نشرت وسائل إعلام محلية تسريبات حول توجيهات من محافظ المحافظة نبيل شمسان، إلى مدير عام الشرطة بقمع أي احتجاجات ومظاهرات قادمة للمعلمين، قُبِلت برفض العميد الأكحلي المدير العام لآمن المحافظة.
بعد ساعات من نشر التسريبات، نفت شرطة تعز في بيان لها تلقي مديرها العام أي توجيهات من المحافظ لقمع المظاهرات. موضحةً أن التوجيات نصت فقط على تطبيق قانون تنظيم المظاهرات والمسيرات.
قانون تنظيم المظاهرات
يلزم قانون تنظيم المظاهرات الصادر عام ٢٠٠٣م، منظمي المسيرات بتشكيل لجنة تقوم بتقديم بلاغ إلى الأجهزة الأمنية، قبل وقت لا يقل عن ثلاثة أيام من تاريخ بدء المظاهرة او المسيرة.
ويشترط القانون تقديم البلاغ مكتوبًا، ومحددًا فيه تاريخ وتوقيت بدء المظاهرة أو المسيرة، ومكان تجمعها وانطلاقها، وخط سيرها وإنهائها.
ويتضمن ذكر أهداف المسيرة وأسبابها، وارفاق الشعارات التي سترفع خلالها، على سبيل الإحاطة والعلم بحسب شرطة تعز، وأن يكون البلاغ موقعًا عليه من اللجنة، وموضحًا فيها أسماء رئيسها وأعضاءها وعناوينهم.
فيما يلزم القانون الأحزاب السياسية والمنظمات الجماهيرية والنقابات المهنية، توقيع البلاغ موقعً الممثل القانوني للحزب أو المنظمة أو النقابة وممهورًا بختمها، بالإضافة إلى أسماء وتوقيعات اللجنة، وللجهة المختصة التحقق من صحة ما جاء في البلاغ المقدم إليها.
وعقب نشر شرطة تعز تعميمًا رسميًا بالقرار، تداول ناشطون وصحفيون وثائق تؤكد إبطال القانون بموجب مخرجات الحوار الوطني، الذي كفل لليمنيين حق التعبير عن آرائهم عبر المسيرات والمظاهرات السلمية والإضرابات.
موقفًا من القرار
الحزب الاشتراكي اليمني
صرحت منظمة الحزب الاشتراكي اليمني في محافظة تعز في بيانًا لها على رفض الحزب للقرار بالقول: إن “الاستقواء بقانون تنظيم المظاهرات والمسيرات الصادر عام ٢٠٠٣م، هو قانون سيء الصيت، ويمثل أحد مخلفات العهد القديم. وإنما هي محاولة سلطوية بائسة لقمع الحراك المدني والنقابي، ويهدف إلى مصادرة ما تبقى من الهامش الديمقراطي الذي تتمتع به مدينة تعز والذي يميزها عن سائر المحافظات والمدن اليمنية الأخرى، ويمثل تهديد خطير للحريات المدنية. لهذا يقع على عاتق الجميع مواجهة هذه المساعي السلطوية الأحادية، والانتصار لروح الدستور وللمكتسبات المدنية والثورية”.
وفي هذا السياق قال سكرتير أول منظمة الحزب الاشتراكي اليمني في محافظة تعز باسم الحاج في منشور بحسابه على منصة فيسبوك. “نرفض العودة للقوانين الشمولية وديمقراطية التراخيص”.
متابعًا: أن “الديمقراطية استفتاء يومي، وستبقى تعز فضاء مدني مفتوح ولن نقبل بقيود الحقب البائدة”.
حزب المؤتمر الشعبي العام
فيما رفض المؤتمر الشعبي العام القرار في بيان صادر عن قيادته في محافظة تعز قائلاً: “يؤكد المؤتمر الشعبي العام رفضه القاطع لأي محاولات لتقييد الحريات العامة المكفولة بالدستور والقانون ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، خاصة في ظل الأوضاع الراهنة التي يعيش فيها المواطنون تحت خط الفقر. ويدعو المؤتمر كافة القوى السياسية إلى كسر حاجز الصمت”.
موضيفًا: إن “على جميع القوى السياسية تحمل مسؤولياتها في مواجهة هذا الانهيار الاقتصادي الخطير، والعمل بجدية لتصحيح المسار الوطني وإعادة توجيه الجهود نحو القضية المحورية لكل اليمنيين، والمتمثلة في استعادة الدولة والعاصمة صنعاء من قبضة الحوثين”.
وتابع: إن “الحقوق المشروعة لم تعد مقتصرة على المعلمين والتربويين بل أصبحت مطلبًا عامًا لكل المواطنين في ظل الانهيار الاقتصادي الحاد، وتدهور سعر العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية. مطالبًا الجهات الأمنية بتحمل مسؤولياتها الدستورية والقانونية في حماية المسيرة السلمية وضمان سلامة المشاركين فيها”.
حزب التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري
قال أمين سر فرع التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري في محافظة تعز، عادل العقيبي: إن “استمرار المسيرات والوقفات التي ينظمها المعلمون والنقابات العمالية والمهنية منذ بداية الفصل الدراسي الثاني للعام الدراسي ٢٠٢٤م – ٢٠٢٥م، يهدف إلى ايصال صوتهم ومطالبهم المشروعة في حياة كريمة تكفلها لهم كل الشرائع والقوانين. مشيرًا إلى أن حراكهم تميز بسلوك حضاري راقٍ يتكافأ نبلاً وشرفًا مع مطالبهم العادلة.
وأضاف العقيبي مستنكرًا في منشور على صفحته الرسمية في منصة فيسبوك: “استدعاء السلطات المحلية نصوصًا تجاوزها الواقع ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، بغرض مواجهة الحراك المطلبي السلمي وفرض القيود عليه”.
وأكد العقيبي: أن “هذه الإجراءات خيار خاطئ، ويضع السلطات في مواجهة تعز، التي ضحت بالغالي والنفيس. مشددًا على أن أبناءها لن يقبلوا بأقل مما يستحقونه من حقوق وحياة كريمة.
حزب التجمع اليمني للإصلاح
لم يصدر أي بيان رسمي له يحدد موقفه من القرار. إلا أن رئيس الدائرة السياسية للحزب في محافظة تعز أحمد المقرمي قال في منشور على حسابه في منصة فيسبوك: أن “حق التعبير، و حرية الرأي و التظاهر مكفول، ولا شك أن كل مظاهرة مطلبية، أو سياسية، تسلك المسار السلمي وتلتزم بالضوابط والشعارات المنضبطة دون شتم او تجريح لرموز الدولة أو الأشقاء، تعد مكسب يجب حمايته. وعلى الجهات الامنية القيام بواجبها في حماية المظاهرات”.
وبعد أقل من 20 ساعة من نشر بيان شرطة تعز، دعا اتحاد التربويين اليمنيين في محافظة تعز إلى الخروج في مظاهرة شعبية لمطالبة الحكومة بسرعة الإستجابة لمطالبهم. في ظل اضرابٍ مستمرٍ للمعلمين دخل شهره الثالث، تشهده محافظة تعز المعروفة باهتمامها الكبير بالتعليم. حيث يواصلون احتجاجاتهم الأسبوعية للمطالبة بمعالجة جادة لرواتبهم التي لم تعد تكفي لتغطية جزء بسيط من احتياجات أسرهم.
دعوة اتحاد التربويين اليمنيين في محافظة تعز، أعقبتها دعوة أخرى للحملة الشعبية لمناصرة المعلمين وموظفي الدولة، التي تدعو الجميع للخروج والمشاركة في المظاهرة. وذلك لمساندة موقف المعلمين ورفضًا للوضع القائم وغياب الخدمات والماء والكهرباء، واستمرار الحصار والموقف السلبي الأخير للسلطة المحلية المانع لحق التظاهر وحرية التعبير في مدينة الثورة.
وللتحرك العاجل لإنقاذ تعز من الأزمة الحالية، ومحاسبة المسؤولين عن الفساد والإهمال، وتحقيق تغيير جذري يلبي تطلعات أبناء المدينة.
فيما دعا الحزب الاشتراكي اليمني أعضاء الحزب وأنصاره وكافة جماهير الشعب بالمحافظة إلى الاحتشاد والمشاركة الفاعلة في المظاهرة الجماهيرية التي دعا لها اتحاد التربويين اليمنيين في تعز. وذلك للتعبير عن التضامن مع المطالب المشروعة للتربويين الذين يطالبون بتحسين الأجور والمرتبات الشهرية وصرف العلاوات وانتظام عملية صرفها. وكذلك للتعبير عن الرفض الجماهيري للمساعي الهادفة إلى تقييد حرية التظاهر بوصفه حق دستوري أصيل وحق أساسي من حقوق الإنسان وفق نصوص الدستور اليمني ووثيقة مخرجات الحوار الوطني ومواثيق الأمم المتحدة، وبوصفها أحد مكتسبات ثورة 11 فبراير السلمية.
من جانبه دعا حزب المؤتمر الشعبي العام في بيانه، كافة قياداته وأعضائه وكوادره وأنصاره في محافظة تعز إلى المشاركة الفاعلة في المسيرة السلمية، التي دعا إليها اتحاد التربويين للمطالبة بالحقوق المشروعة التي لم تعد مقتصرة على المعلمين والتربويين فقط.
تراجع الأمن والسلطة المحلية
سارع مدير التوجيه المعنوي والعلاقات العامة بشرطة تعز المقدم أسامة الشرعبي، في نشر منشور على الفيسبوك تبريرًا للقرار موجهًا تحية تقدير لأبناء تعز على صمودهم وتضحياتهم، مؤكداً دور شرطة تعز في حماية النظام والقانون والحريات. كما يضمن حق التظاهر السلمي، ويحث على منع العنف وحمل السلاح، ويدعو إلى التعاون مع الأجهزة الأمنية للحفاظ على أمن تعز واستقرارها. ويؤكد على التزام الشرطة بدعم تطلعات المواطنين وحماية حقوقهم.
ومن جانبه محافظ المحافظة نبيل شمسان في تغريده في حسابه على منصة إكس قائلاً: نؤكد على موقفنا الثابت في السلطة المحلية في حماية الحقوق والحريات، وأن الإجرايات التي تتخذها الأجهزة الأمنية هدفها حماية وتمكين المواطنين من ممارسة حقهم في التعبير عن رأيهم. وأنه لا يمكن أن يتم منع أي مظهر من مظاهر التعبير والاحتجاج طالما تتم بطريقة سلمية ولا تتعدى على الممتلكات العامة والخاصة.
المظاهرة
تزامن مع المسيرة الاحتجاجية الحاشدة التي دعا لها اتحاد التربويين في محافظة تعز، وحملة مناصرة المعلمين والموظفين يوم الأحد الماضي. قال مساعد مدير عام أمن تعز للشؤون الأمنية نبيل الكدهي في تصريح لوسائل الإعلام أنه “لا توجد أي توجيهات من محافظ المحافظة نبيل شمسان لإدارة أمن المحافظة عن منع الاحتجاجات والمظاهرات وقمع المتظاهرين والمحتجين. ” لا توجد أي توجيهات لدينا بمنع المظاهرات”.
وأضاف الكدهي: ” أي مسيرة سلمية نحن نوفر لها الحماية الكاملة. نحن ضد المندسين الذين يختلطون بالمسيرات ويقومون بأعمال الشغب، أو يرفعون شعارات ضد الدولة ومؤسساتها وضد المجلس الرئاسي”.
جاء تصريح الكدهي في أثناء استمرار حالة الغليان الشعبي الرافض لاستمرار حالة فساد وفشل السلطة المحلية، بعد ستة أشهر من مهلة رئاسية، وتردي الأوضاع المعيشية والانهيار الاقتصادي والتدني الكبير في سعر العملة إلى مستوى غير مسبوق. في ظل غياب الخدمات العامة وعدم قيام الجهات الحكومية بدورها في خدمة المواطنين.
وفي الوقت ذاته، تزامن تصريح الكدهي مع قيام قوات الأمن بمصادرة لافتات احتجاجية تتحدث عن انتهاء مهلة الرئيس للسلطة المحلية في المحافظة، وتطالب بإجراء تغييرات تسهم في انتشال الوضع في المحافظة من حالته المتردية.
صادرت قوات الأمن اللافتات الاحتجاجية بمبرر أنها تسيء لرأس السلطة المحلية في المحافظة، في تجريم لأي مطالب شعبية بالتغيير! وهو ما أكده الكدهي في تصريحه بوصف من يرفعون شعارات كهذه بالمندسين.
في ظل كل هذه الأوضاع يستمر المعلمين في الخروج للاحتجاج والمطالبة بحقوقهم المسلوبة. فقد أقام اتحاد التربويين مظاهرة صباح يوم الأحد في شارع جمال عبدالناصر. وذلك نظرًا لعدم تجاوب الدولة لهم ولمطالبهم.
واقع الرفض الشعبي
تزايدت حالة الرفض الشعبي لاستمرار الأوضاع في محافظة تعز على ماهي عليه، خاصة مع وعد رئاسي احتفى به الشارع التعزي أثناء زيارة رئيس مجلس القيادة الرئاسي للمحافظة، قضى بمنح السلطة المحلية بكل مسؤول فيها مهلة لمدة ستة أشهر لتحسين الأوضاع في المحافظة.
ارتفعت حدة الأصوات الشعبية المطالبة بالتغيير قبيل أيام من أنتهاء المهلة، إذ تشهد وسائل التواصل الاجتماعي حملات الكترونية واسعة تندد بالفساد وفشل السلطة المحلية في القيام بواجبها، وتطالب بتغيير جذري ينهي الوضع البائس الذي تعيشه المحافظة ويؤسس لمعالجة حقيقية شاملة لكل المجالات وبما يضمن توفير الخدمات العامة.
وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لجزء من كلمة رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد محمد العليمي أثناء زيارته إلى تعز نهاية أغسطس الماضي، وهو يمنح السلطة المحلية والمحافظ مهلة ستة أشهر للعمل على تحسين الأوضاع في تعز.
وركزت كتابات الناشطين على مراجعة قائمة المشاريع التي وضع لها الرئيس العليمي حجر الأساس ولم يتم تنفيذها حتى اليوم، مطالبين فخامته بالوفاء بعهده للشعب بمحاسبة وتغيير كل من يقصر في أداء مهامه وواجباته من مسؤولي السلطة المحلية.
غضب شعبي مستمر
بعد العمل القمعي الذي قامت به قوات الأمن، ندد العديد من رواد وسائل التواصل الاجتماعي بمصادرة اللافتات الاحتجاجية معتبرين ذلك تماهي من قوات الأمن مع فشل السلطة المحلية، إذ عبروا عن استيائهم من تحول قوات الأمن إلى مدافعين عن فساد رأس السلطة المحلية من خلال منع أي لافتة تطالب بتغييره.
وتستمر حالة الغضب الشعبي يومًا بعد يوم مع قرب موعد انتهاء المهلة الرئاسية في ٢٧ فبراير الجاري، وسط مطالبات مستمرة بتغيير قيادة السلطة المحلية بأشخاص من ذوي الكفاءة والمسؤولية والعمل على إعادة الخدمات العامة ومعالجة الأوضاع. وبإقالة شمسان من منصبة ومحاسبته، وكذلك تدهور في الأوضاع الاقتصادية والأمنية للأسوء. وقدوم شهر رمضان والمواطنين غير قادرين على شراء المواد الغذائية والاحتياجات المعيشية.