آخر الأخبار

spot_img

طيب تيزيني: أيقونة الفكر اليساري العربي

(صحيفة الثوري) – مونت كارلو :

نخصص حلقة هذا الأسبوع من برنامج “قرأنا لكم” للمفكر والباحث السوري طيب تيزيني الذي غادر عالمنا مؤخرا عن عمر يناهز الخامسة والثمانين في مدينته ومسقط رأسه حمص التي أصر على العيش فيها رغم الدمار الكبير الذي لحقها خلال السنوات الأخيرة بسبب الحرب في سورية.

تيزيني واحد من أهم وأكبر المفكرين اليساريين العرب الذين طبعوا الحياة الفكرية العربية في العقود الأخيرة خاصة في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي مرحلة ازدهار الفكر اليساري العربي.

ولد تيزيني في حمص عام 1934. في مطلع الخمسينيات غادر حمص الى دمشق لاستكمال دراسته الجامعية وعاش ذاك أجواء الانقلابات العسكرية إلى أن قامت الوحدة بين مصر وسوريا عام 1958 وكان سياسيا متعاطفا مع الحزب الشيوعي. في تلك الفترة عانى من الملاحقات الأمنية وصُدم من النزوع القمعي لدى سلطات الوحدة التي اعدمت مجموعة من الشباب الماركسيين والبعثيين في سجون حمص.

هاجر إلى ألمانيا عام 1962 لاستكمال دراسته في جامعة لايبزغ واظهر تفوقا لافتا في تعلمه الألمانية واللاتينية وعيون الفكر الفلسفي الغربي بالموازاة مع استغراقه في دراسة الفلسفة العربية والاسلامية. نال لاحقا شهادة الدكتوراه برسالة حول “التيارات الكبرى في الفلسفة العربية” وهي الرسالة التي أعاد صياغتها لتصير كتابه الأول “مشروع رؤية جديدة للفكر العربي في العصر الوسيط” الذي اقتحم به عن جدارة الساحة الفكرية العربية.

بسرعة احتل تيزيني مكانة مهمة بين نخبة المفكرين اليساريين العرب مشرقا ومغربا إلى جانب جورج طرابيشي ومهدي عامل وحسين مروة ومحمود أمين العالم في الشرق ومحمد عابد الجابري وعبدالله العروي في المغرب.

وانخرط في مشروع فكري ضخم وطموح هدفه مراجعة منجزات وأسس التراث العربي والإسلامي على ضوء النظرية الماركسية. ويشمل هذا المشروع مرحلة ما قبل ظهور الإسلام باعتباره جزءا من تطور تاريخ الفكر الإنساني، ويرى تيزيني أنه ازدهر في ظل الحضارة الإسلامية، ويرفض المركزية الأوروبية التي تتجاهل خصوصية وأصالة الفكرين العربي والإسلامي.

وصدرت له عدة دراسات فكرية منها ” مقدمات أولية في الإسلام المحمدي الباك” و” من التراث إلى الثورة، حول نظرية مقترحة في التراث العربي” و”فصول في الفكر السياسي العربي” “من الاستشراق الغربي إلى الاستغراب المغربي” و” من ثلاثية الفساد إلى قضايا المجتمع المدني” وغيرها من المؤلفات الأخرى.

اعتبر تيزيني أنه من بين الأسباب الأساسية لظهور وانتعاش الأصوليات المتطرفة في العالم العربي وأيضا استئساد الأنظمة العربية هو تقهقر دور المثقف وانهيار الطبقة الوسطى في البلدان العربية كما يقول في احدى حواراته.

اشتغل تيزيني من موقع الباحث الأكاديمي الملتزم بقضايا الشعوب وكان معارضا لنظام الأسد الأب والإبن واختار بخلاف الكثير من المثقفين المعارضين عن البقاء في سوريا باصرار رغم القمع والحرب. وشارك في المظاهرات الأولى للثورة السورية المجهضة عام 2011 للمطالبة باطلباق سراح المعتقلين وتعرض للضرب والإهانة والاعتقال.

وكان من المطالبين لما تم فتح قناة حوار بين المعارضة والنظام بتفكيك الدولة الأمنية التي اعتبرها أصل المأساة السورية. وكل كتاب وانتم بخير.