“صحيفة الثوري” – كتابات:
وليد الجبزي
يشكل الموظفون النازحون من مناطق سيطرة مليشيا الحوثي إلى المناطق المحررة في اليمن فئة من المواطنين الذين يعانون في صمت من ظروف صعبة ومعقدة، تتجلى بشكل رئيسي في معاناتهم اليومية التي تتراوح بين انقطاع الرواتب، وغياب الدعم الحكومي، ونقص الحوافز المالية.
منذ إندلاع الحرب، نزح الآلاف من الموظفين إلى المناطق المحررة بحثاً عن الأمان والأمل في حياة أفضل، إلا أن الواقع المعيشي لهم كان أقسى بكثير مما كانوا يتوقعونه. إذ استمر إنقطاع رواتبهم لما يقارب سبعة أشهر، مما جعلهم يواجهون تحديات كبيرة في تأمين أبسط احتياجاتهم اليومية، من طعام ودواء ومواصلات، في الوقت الذي ارتفعت فيه الأسعار بشكل كبير نتيجة الأوضاع الاقتصادية السيئة في البلاد.
إنقطاع الرواتب: أزمة إضافية
واحدة من أبرز الصعوبات التي يعاني منها الموظفون النازحون هي إنقطاع رواتبهم بشكل كامل لمدة طويلة. ففي الوقت الذي يتلقى فيه الموظفون الثابتون في المناطق المحررة رواتبهم مع زيادات تصل إلى 30%، بالإضافة إلى العلاوات والتسويات المالية التي تم إضافتها لهم، يعاني الموظفون النازحون من عدم المساواة في المعاملة. فحتى عندما يتم دفع رواتبهم، غالباً ما تكون أقل بكثير من رواتب زملائهم في المناطق المحررة، حيث لا تتجاوز 40 دولاراً في الشهر تقريباً، وهو مبلغ لا يكفي لتلبية احتياجات الأسرة الأساسية.
إن هذه الأوضاع المالية الصعبة تخلق شعوراً بالإحباط واليأس بين الموظفين النازحين، وتؤثر بشكل مباشر على قدرتهم على تحمل المسؤوليات المعيشية. في الوقت نفسه، يُحرم هؤلاء الموظفون من الاستفادة من الزيادات المقررة في المرتبات، مما يزيد من الفجوة بينهم وبين موظفي المناطق المحررة.
حياة مليئة بالتحديات
إلى جانب إنقطاع الرواتب، يعاني الموظفون النازحون من صعوبة الحصول على سكن ملائم، بسبب الزيادة الكبيرة في أسعار الإيجارات في المناطق المحررة، كما يجدون صعوبة كبيرة في تأمين احتياجات أطفالهم من التعليم والعلاج. وإذا كان الحصول على وظيفة ثابتة في هذه الظروف الصعبة هو حلم بعيد المنال، فإن العديد منهم قد اضطروا للعمل في وظائف مؤقتة أو في القطاع الخاص، حيث الأجور غير الكافية ولا توجد أية ضمانات اجتماعية.
نداء للحكومة الشرعية
إن الوضع المعيشي الذي يعيشه الموظفون النازحون يحتاج إلى تدابير عاجلة وحلول جذرية من قبل الحكومة الشرعية. فهؤلاء الموظفون جزء من المجتمع اليمني الذي قدم الكثير من التضحيات من أجل استعادة الدولة وحماية حقوق المواطنين. ومن واجب الحكومة أن تتحمل مسؤولياتها تجاه هؤلاء المواطنين الذين يعانون على مدار شهور طويلة دون أن تحرك الجهات المعنية ساكناً.
نطالب الحكومة الشرعية بوضع حلول فورية لرفع المعاناة عن الموظفين النازحين، من خلال:
1. صرف الرواتب بإنتظام لجميع الموظفين دون إستثناء، خاصة أولئك الذين تم نزوحهم من مناطق سيطرة الحوثيين.
2. رفع المرتبات لتتناسب مع الأوضاع الاقتصادية في المناطق المحررة، وإعطاء الموظفين النازحين نفس الحقوق التي يتمتع بها الموظفون في المناطق الأخرى، من زيادات وعلاوات.
3. توفير الدعم الاجتماعي للموظفين النازحين من خلال المساعدات مالية موجهة بشكل مباشر لتلك الفئة المتضررة.
4. التسوية المالية للموظفين النازحين، بما يضمن لهم حقوقهم الكاملة ويعزز قدرتهم على العيش بكرامة في هذه الظروف الصعبة.
ختاماً:
إن الموظفين النازحين يعانون في صمت من معاناة كبيرة، وهم بحاجة ماسة إلى إهتمام الحكومة الشرعية والتعجيل بحل مشكلاتهم. فالوضع الراهن لا يمكن أن يستمر، ويجب أن تُعطى هذه الفئة من الموظفين حقوقهم كاملة، دون تمييز أو تأخير. إن العدالة الاجتماعية هي الأساس لبناء مجتمع متماسك وقادر على تخطي الأزمات، ويجب أن يشمل هذا كل فئات المجتمع، بما في ذلك الموظفون النازحون الذين ما زالوا يعانون منذ سنوات.