آخر الأخبار

spot_img

روسيا تبدأ بسحب قواتها من سوريا بعد السقوط المفاجئ لنظام الأسد

“صحيفة الثوري” – فايننشال تايمز:

تشير تقارير جديدة إلى أن روسيا قد بدأت في سحب بعض قواتها التي تتخذ من سوريا مقراً لها، وذلك بعد السقوط المفاجئ لنظام الرئيس السوري بشار الأسد. وبحسب تحليل الصور الفوتوغرافية للأقمار الصناعية وتقييم الاستخبارات الأوكرانية، رُصدت مؤشرات واضحة على استعداد القوات الروسية لمغادرة سوريا.

وأظهرت صور التقطتها شركتا “ماكسار” و”مختبرات الكوكب” زيادة في عدد المركبات الأرضية في قاعدة حميميم الجوية، إضافة إلى وصول طائرات نقل كبيرة، وتفكيك طائرات هليكوبتر روسية ووحدات دفاع جوي. هذه التحركات تتماشى مع عمليات نقل القوات والمعدات تمهيداً لمغادرة المنطقة.

الغموض يحيط بنوايا روسيا

ورغم هذا النشاط، لم يتضح بعد ما إذا كانت موسكو تخطط لانسحاب جزئي أم كامل من سوريا. مسؤول أوكراني رفيع أشار إلى أن روسيا تنقل كميات كبيرة من العتاد العسكري من البلاد، لكنه أوضح أن من السابق لأوانه تحديد طبيعة هذه التحركات. من جانبه، قال مايكل كوفمان، وهو زميل بارز في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، إن هذا الانسحاب قد يكون بداية خروج روسي كامل من سوريا، لكنه أضاف أنه من المبكر تأكيد ذلك بشكل قطعي.

التدخل الروسي في الحرب الأهلية السورية

تعود جذور الوجود الروسي في سوريا إلى عام 2015، عندما تدخلت روسيا لدعم نظام الأسد خلال الحرب الأهلية السورية. وقد نشرت آنذاك الآلاف من الجنود إلى جانب دعم جوي مكثف ساهم في تغيير موازين القوى لصالح النظام السوري.

وبعد سقوط نظام الأسد وفراره إلى موسكو إثر هجوم متمرد صاعق يوم الأحد الماضي، أكد الكرملين أن مستقبل وجود روسيا في سوريا يعتمد على نتائج المفاوضات مع الحكومة السورية الجديدة.

التداعيات الاستراتيجية للانسحاب الروسي

يمثل فقدان قاعدة حميميم الجوية والقاعدة البحرية الروسية في طرطوس تحدياً استراتيجياً لموسكو، إذ تُستخدم هذه القواعد كمراكز لوجستية لدعم أنشطة روسيا العسكرية في البحر الأبيض المتوسط ولعملياتها في إفريقيا.

في هذا السياق، قال ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي، إن بلاده تجري محادثات وصفها بالبناءة مع هيئة تحرير الشام، وهي الجماعة المتمردة التي قادت الهجوم الأخير في سوريا. وأكد بوغدانوف على أهمية استمرار الوجود الروسي لمكافحة الإرهاب، مشيراً إلى أن “القواعد الروسية في سوريا كانت مخصصة لمحاربة التنظيمات الإرهابية مثل داعش”.

وأضاف أن “الجهود الجماعية لا تزال مطلوبة للقضاء على الإرهاب”، موضحاً أن وجود القواعد الروسية في سوريا لعب دوراً محورياً في هذا السياق.

تفاصيل التحركات العسكرية

تظهر صور الأقمار الصناعية طائرتين من طراز An-124 على مدرج قاعدة حميميم الجوية. تُعتبر هذه الطائرات من أكبر طائرات النقل الثقيل في العالم، إذ تستطيع حمل ما يصل إلى 150 طناً من البضائع.

إلى جانب ذلك، رُصدت ثلاث طائرات نقل من طراز Il-76، بالإضافة إلى طائرات نقل أصغر من طراز An-32 وAn-72. كما أظهرت الصور تفكيك طائرة هليكوبتر هجومية من طراز كا-52، إلى جانب تجهيز وحدات الدفاع الجوي S-400 للنقل.

وفي الوقت ذاته، نُشرت على منصات التواصل الاجتماعي لقطات لقوافل عسكرية روسية تتحرك باتجاه قاعدتي حميميم وطرطوس. تضمنت القوافل ناقلات أفراد مدرعة وشاحنات ترفع الأعلام الروسية، ما يعزز التقديرات بأن روسيا تجمع قواتها ومعداتها في هذه القواعد استعداداً لمغادرتها.

الدعم الروسي المحتمل للحكومة الجديدة في سوريا

مع التحولات الأخيرة، قد تقدم روسيا دعماً للحكومة السورية الجديدة لضمان استمرار نفوذها في المنطقة. يتوقع محللون أن يشمل هذا الدعم إمدادات الطاقة، والمساعدات المالية، وحتى الذهب والماس الذي تستخرجه روسيا من إفريقيا.

وأشار مسؤول روسي سابق إلى أن موسكو تسعى إلى إقامة شراكة سياسية أوسع مع الحكومة السورية الجديدة، وأكد أن التواصل مع هيئة تحرير الشام يتم “بروح من الصداقة والتفاهم”.

الانعكاسات المحتملة على السياسة الروسية

يطرح انسحاب روسيا من سوريا تساؤلات حول قدرتها على الحفاظ على موقعها الاستراتيجي في الشرق الأوسط وأفريقيا. وبالنظر إلى طبيعة الانسحاب، يبقى من غير الواضح كيف ستعيد موسكو ترتيب أولوياتها الإقليمية في ظل التحديات المتزايدة على عدة جبهات دولية.