(صحيفة الثوري) – ترجمات:
بقلم: ناتاشا ليندشتات، جامعة إسيكس
عندما كنت أشتري القهوة من مقهى يديره سوري في المملكة المتحدة، سألته عن رأيه في الأخبار المتداولة بشأن سقوط بشار الأسد. رد بابتسامة تحمل الأمل قائلاً إنه يتطلع، كما يفعل ملايين السوريين الذين فروا خلال الحرب، إلى العودة للوطن.
تشير التقارير إلى أن الأسد وعائلته قد فروا إلى روسيا، ما أتاح للسوريين فرصة التجول في قصره الرئاسي وإسقاط تماثيل والده حافظ الأسد. لكن البلاد اليوم تواجه واقعاً جديداً يتمثل في انقسامات عميقة بين مناطق تسيطر عليها فصائل مختلفة، تدعمها قوى دولية كبرى تسعى لحماية مصالحها.
دور الفصائل المسلحة
أقوى هذه الفصائل هي “هيئة تحرير الشام” التي انطلقت من إدلب واستطاعت السيطرة على حلب، حماة، وحمص وصولاً إلى دمشق. الهيئة، التي نشأت من رحم القاعدة في 2011، عملت على تحسين صورتها و”سورنة” أهدافها، موجهة تركيزها لإسقاط الأسد وطرد الميليشيات الإيرانية.
بفضل وقف إطلاق النار بين تركيا وروسيا عام 2020، نجحت الهيئة في ترسيخ هيكلها التنظيمي بدعم تركي ملحوظ، يتضمن الأسلحة والطائرات بدون طيار.
التداعيات الإقليمية
تركيا:
لعبت أنقرة دوراً حاسماً في دعم الفصائل المتمردة، رافضة محاولات التطبيع مع نظام الأسد. مع استضافة تركيا لأكبر عدد من اللاجئين السوريين، تسعى لتهيئة الظروف لعودتهم. إلا أن هدفها الأبرز يبقى القضاء على النفوذ الكردي شمال سوريا وضمان ظهور حكومة صديقة لأنقرة.
إيران:
الإطاحة بالأسد تمثل خسارة كبيرة لطهران، حيث تفقد جسراً استراتيجياً إلى المتوسط وقاعدة رئيسية لدعم حزب الله. تراجع نفوذ إيران في سوريا سيضعف قدرتها على مواجهة إسرائيل وتعزيز موقعها الإقليمي.
روسيا:
رغم دعمها العسكري المكثف للنظام منذ 2015، فإن انشغال روسيا بالحرب في أوكرانيا أضعف قدرتها على تحقيق أهدافها في سوريا. سقوط الأسد يُظهر فشل مشروعها الإقليمي.
مستقبل سوريا
تبقى البلاد مقسمة بين فصائل متعددة:
قوات سوريا الديمقراطية (SDF) التي يسيطر عليها الأكراد وتدعمها الولايات المتحدة.
الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا، والذي يسعى لإنشاء منطقة عازلة شمالاً.
في ظل استمرار الانقسامات، فإن بناء حكومة انتقالية موحدة يظل التحدي الأكبر للسوريين. إذا فشلت القوى المحلية في تحقيق هذا الهدف، فإن الفاعلين الإقليميين والدوليين سيتدخلون لملء الفراغ.
إعادة البناء: مسؤولية السوريين
يبقى الأمل معقوداً على قدرة السوريين أنفسهم، سواء العائدين أو الذين لم يغادروا، على إعادة بناء دولتهم وفقاً لرؤيتهم الخاصة.