آخر الأخبار

spot_img

بناء الثقة بين الأطياف السياسية أهم خطوة في الاصطفاف الوطني

صحيفة الثوري – كتابات:

د. عمر العودي

إن من أهم الخطوات التي يجب البدء بها لتشكيل أي اصطفاف وطني حقيقي ينطلق من المصلحة الوطنية العليا لليمن والشعب، وتأتي على طريق مأسسة العمل السياسي للأحزاب والتنظيمات السياسية، هي إعادة الثقة بين كافة الأطياف السياسية وتعزيزها من خلال المصداقية والولاء الحقيقي للوطن. بعيداً عن المصالح الشخصية والحزبية والجهوية الضيقة، وتغيير نمط العلاقات بين النخب السياسية السائدة التي كانت مبنية في الماضي وحتى اليوم على الكراهية والتآمر على بعضها البعض والشقاق والخداع والصراعات التي وصلت إلى درجة الصراع الدموي وتصفية الكوادر الوطنية جسدياً، هذا النمط يجب أن يتغير إلى زراعة الثقة المتبادلة، واحترام الرأي والرأي الآخر، وتعزيز العمل المؤسسي على مستوى كل حزب وتنظيم سياسي وعلى مستوى كافة النخب السياسية، وعدم اعتماد النخب السياسية على ربط أي عمل سياسي بالتمترس خلف الأيديولوجيات الحزبية أو الطائفية والمذهبية، أو الالتفاف حول أشخاص أو زعامات محاطة بهالة من التقديس، أشخاص لطالما انفردوا بالقرار لخدمة مشاريعهم الشخصية ويكسبون التأييد الزائف بالمال. ونتج عن تصرفاتهم أخطاء كارثية ضاعت فيها الثورة والجمهورية، وفي الأخير ارتهن الجميع للخارج. تلك التوجهات، سواء التي كانت تحت أجندات تتلبس القيم الوطنية، إلا أنها مشاريع غير ديمقراطية وغير مشروعة.

إن انتقال الأحزاب والتنظيمات السياسية إلى ممارسة العمل السياسي المؤسسي على المستوى الداخلي لها سيجعلها قادرة على بناء تحالفات وطنية عريضة تضع مصلحة الوطن والشعب اليمني فوق كل الاعتبارات، وهذا يتطلب من الجميع الاستعداد لفتح ملفات الماضي وتحديد الاختلالات بشكل موضوعي وغير متحيز، ودون أن يشكل ذلك أي نوع من الترويج والدعاية للزعامات التي أوصلت اليمن إلى ما وصلت إليه اليوم.

نحن بأمس الحاجة إلى أن ننظر بتجرد من خلال ميزان العمل الوطني بعيدًا عن المصالح الذاتية أو الجهوية، وبعيدًا عن التعصبات التي أنهكت كاهل الوطن والمواطن، ونتلمس الفترات المشرقة في تاريخ اليمن، وخصوصًا فترة الحمدي، لندرك أن إمكانية بناء دولة المواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية مسألة ممكنة إذا ما توفرت الإرادة السياسية الصادقة والتسامح واستبعاد خطاب الكراهية والاستعداء المتبادل بين الجميع، والاعتراف بأخطاء الماضي والحاضر وأخذ العبرة منها لترسيخ العمل السياسي الوطني غير المرتبط بأي مشاريع تمزيقية داخلية أو خارجية.