الثوري – ثقافة/
مطيع دماج:
ﺗﺤﺪﺛﻨﺎ ﻗﺒﻞ ﺃﺳﺒﻮﻋﻴﻦ
ﻭﻗﺘﻬﺎ ﻟﻢ ﺃﻛﻦ ﺃﻋﺮﻑ ﺃﻧﻬﺎ ﺳﺘﻜﺘﺐ ﻫﻜﺬﺍ:
ﺗﺤﺪﺛﻨﺎ، ﻟﻠﻤﺮﺓ ﺍﻹﺧﻴﺮﺓ ، ﻗﺒﻞ ﺃﺳﺒﻮﻋﻴﻦ.
ﻟﻢ ﺃﻛﻦ ﺃﻋﺮﻑ ﺃﻥ ﺻﻮﺗﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻪ، ﻭ ﻧﺎﺩﺭﺍً ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ
ﻛﺬﻟﻚ، ﻣﻠﻤﺲ ﺍﻟﻌﺸﺐ ﺍﻟﻬﺶ ﺣﻴﻦ ﺗﺮﺳﻠﻪ ﻋﻤﻴﻘﺎً ﻣﺘﻰ
ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻚ، ﺃﻥ ﺗﻨﺴﻰ ﻟﻠﺤﻈﺎﺕ ﺻﻮﺗﻚ ﺍﻟﻤﺎﺯﺡ ﺍﻟﺒﺸﻮﺵ
ﺍﻟﻤﺘﺪﻓﻖ ﻛﺎﻟﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﻥ ﻛﺠﺮﺱ ﻓﺴﺤﺔٍ ﻣﺪﺭﺳﻲ
ﺣﻴﻦ ﺗﻀﺤﻚ، ﻟﺘﻘﻮﻝ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﺠﺎﺩﺓ ﻋﻤﺎ ﻳﺠﺐ
ﻋﻤﻠﻪ. ﺻﻮﺗﻚ ﺍﻟﺠﺎﺩ ﺍﻟﺬﻱ ﺭﺍﻓﻖ أﻳﺎﻣﻲ ﺍأﻭﻟﻰ ﻓﻲ
ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﻄﻼﺑﻲ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻓﻘﺪ ﻛﻨﺖ ﻗﺎﺋﺪﻱ ﺍﻟﺤﺰﺑﻲ
ﺍﻻﻭﻝ. ﻳﻮﻣﻬﺎ، ﻭﺑﺴﺒﺐ ﻣﻊ ﺭﻭﺍﺋﺢ ﺍﻹﻟﻔﺔ ﻭﺍﻟﻮﺩ ﺍﻟﺘﻲ
ﺗﻨﺸﺮﻫﺎ ﺣﻮﻟﻚ، ﺗﻮﻫﻤﺖ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻗﺪﺭ
ﺍﻟﻤﺤﻈﻮﻇﻴﻦ.
ﻣﺮ ﺯﻣﻦ ﻃﻮﻳﻞ ﻳﺎ ﻓﺎﺭﺱ، ﻟﻜﻨﻚ ﻗﺒﻞ ﺃﺳﺒﻮﻋﻴﻦ،
ﺗﺤﺪﺛﺖ ﺑﺼﻮﺕ ﻭﺍﺭﻳﺘﻪ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﻋﺎﻡ. ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺼﻮﺕ
ﺍﻟﻤﺸﺒﻊ ﺑﺎﻟﺜﻘﺔ ﻭﺑﺎﻷﻣﻞ ﻳﺨﺒﺮﻧﻲ ﻣﺎﺫﺍ ﻋﻠﻲ ﻋﻤﻠﻪ.
ﻟﻠﺤﻈﺔ ﻓﻘﻂ، ﺍﺳﺘﻌﺪﺕ ﺑﻌﺪﻫﺎ، ﺇﻳﻘﺎﻉ ﺍﻟﻔﺮﺡ. ﻣﻦ ﺃﻳﻦ
ﺗﺄﺗﻲ ﺑﻜﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﺮﺡ؟!
ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻬﺎﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺐ ﻭﺍﻟﺼﺪﺍﻗﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﻨﺢ ﺳﺨﺮﻳﺘﻚ،
ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺎﺳﻴﺔ،
ﻭﻗﻌﺎً ﻣﺤﺒﺒﺎً ﻻ ﻳﺆﺫﻱ.
ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻴﺮ ﻳﻀﺤﻚ ﻛﺄﻥ ﻧﻜﺎﺗﻚ
ﺗﻄﺎﻝ ﺷﺨﺺ ﺁﺧﺮ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺿﺤﺘﻚ ﺗﻌﺒﺮ ﻗﺎﺭﺗﻴﻦ
ﻟﺘﺪﻏﺪﻍ ﺁﺫﻧﻲ ﻭﺗﺮﺑﺖ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺒﻪ ﻫﻮ.
ﻛﻴﻒ ﻟﻢ ﺗﺶ ﺿﺤﻜﺘﻚ ﺑﺎﻟﻤﻮﺕ ﺍﻟﻜﺎﻣﻦ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﺩﺗﻚ؟
ﻛﻴﻒ ﺟﺎﺀ ﺻﻮﺗﻚ ﻣﺸﺒﻌﺎً ﺑﺎﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻭﺍﻟﻤﻮﺕ ﻳﺤﻔﺮ،
ﻛﺎﻟﻠﺺ، ﻗﻠﺒﻚ؟
ﺻﻮﺗﻚ، ﻛﺎﻥ ﻳﻤﺸﻲ ﻣﺘﻤﻬﻼً ﻛﺄﻥ ﺃﻣﺎﻣﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﺮ
ﺧﻤﺴﻴﻦ ﻋﺎﻡ ﻭ ﺍﻟﻔﻴﻦ ﻣﻮﻋﺪ. ﻻ ﺃﺛﺮ ﻟﻠﻤﻮﺕ ﻓﻴﻪ. ﺻﻮﺗﺎً
ﻧﻘﻴﺎً، ﻛﺒﺴﻤﺔ ﻃﻔﻞ، ﻭﻣﺸﺘﻌﻼً ﺑﺎﻟﺤﻴﺎﺓ.
ﻣﺮ ﺯﻣﻦ ﻃﻮﻳﻞ ﻳﺎ ﻓﺎﺭﺱ
ﻟﻜﻨﻲ، ﺑﺎﻷﻣﺲ، ﻣﺮﺭﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻴﺖ، ﺑﻴﺘﻚ. ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ
ﺑﻴﺘﻚ، ﻛﺎﻥ ﺑﻴﺘﻨﺎ ﻛﻠﻨﺎ؛ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻣﻮﺻﺪ ﻭﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﺗﻨﺘﻈﺮ
ﺧﻠﻔﻪ ﻗﺎﻣﺔ ﺍﻷﻡ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ، ﺍﺑﺘﺴﺎمتها ﺍﻟﺘﻲ ﻣﻨﺤﺘﻨﻲ،
ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺮﺓ ﺍلأﻭﻟﻰ، ﺻﻔﺔ الإﺑﻦ، ﻟﻢ ﺗﻌﺘﺪ ﺗﻨﺘﻈﺮ.
ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻣﻮﺻﺪ. ﺍﻷﺏ، ﺑﻮﺟﺔ ﻋﻤﻴﻖ ﺍﻟﻐﻀﻮﻥ ﻭﻋﻴﻨﻲّ
ﻓﻨﺎﻥ ﻣﺘﻌﺒﺘﻴﻦ ﻭﻛﻒ ﺣﻤﻴﻢ، ﻟﻢ ﻳﻀﻊ، ﻣﺮﺓً، ﻣﻔﺎﺗﻴﺢ
ﺍﻷﻟﻔﺔ ﻭﺍﻟﻮﺩ، ﻭﺑﺼﻮﺕ ﺧﺎﻓﺖ، ﺷﺬﺑﺘﻪ ﺍﻟﺴﻨﻮﻥ، ﻳﻀﻲﺀ
ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺑﻌﻤﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻮﻕ ﺍﻟﺤﺮ ﻭﺍﻟﺬﻛﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺜﺮﻳﺔ.
ﻻ ﺃﻋﺮﻑ ﺃﻱ ﺣﺰﻥ ﻳﻤﻀﻎ ﻗﻠﺒﻪ ﺍﻷﻥ.
ﻗﺒﻞ ﺍﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺭﺑﻊ ﻗﺮﻥ، ﻓﻘﺪ ﺳﻨﺪ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ، ﺻﺒﻴﻪ ﺍﻷﻭﻝ ﻓﻲ ﺣﺎﺩﺙ ﻓﻲ
ﺑﻼﺩ ﻏﺮﻳﺒﺔ.
ﻓﻲ ﺟﻨﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﻠﺞ ﻭﺍﻟﻌﺸﺐ، ﺃﻏﻤﺾ ﻋﻴﻨﻴﻪ
ﻭﻧﺎﻡ..
ﺑﻌﺪ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺭﺑﻊ ﻗﺮﻥ، ﻓﻲ ﺑﻼﺩ ﻏﺮﻳﺒﺔ، ﺗﻐﻤﺾ
ﻋﻴﻨﻴﻚ، ﻓﻲ ﺟﻨﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺠﺮ ﺍﻻﺳﺘﻮﺍﺋﻲ ﻭ ﺍﻟﻌﺸﺐ،
أﻧﺖ أﻳﻀﺎ، ﻳﺎ ﻓﺎﺭﺱ، ﻭﺗﻨﺎﻡ.
ﻟﻮ ﺃﺳﺘﻄﻴﻊ ﻟﻘﺒﻠﺖ ﻗﻠﺒﻚ
ﻣﺮﺓ، ﻭﻗﻠﺐ ﺃﺑﻴﻚ، ﻓﻲ ﺣﺰﻧﻪ ﺍﻟﻌﺬﺏ، ﻣﺮﺍﺭﺍً.
ﺍﻟﻨﻮﺍﻓﺬ ﺧﺮﺳﺎﺀ ﻭﺍﻟﺒﺎﺏ ﻣﻌﺘﻢ.
ﺛّﻢ ﺻﺒﻲ ﻳﺮﺍﻧﻲ ﻏﺮﺑﻴﺎً
ﻳﺤﺪﻕ، ﻛﺎﻟﻠﺺ، ﻓﻲ ﺑﻴﻮﺕ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ.
ﻣﺮ ﺯﻣﻦ ﻃﻮﻳﻞ ﻳﺎ ﻓﺎﺭﺱ.
ﻟﻢ ﺃﻋﺪ ﻭﺍﺛﻘﺎً ﺑﺎﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﻻ ﺍﻟﺸﻌﺮ.
ﻻ ﺃﻣﻨﺢ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻓﺮﺻﺔً ﻛﺎﻣﻠﺔ،
ﻻ ﺃﻧﺘﻈﺮ ﺍﻟﻐﺪ ﻭ ﻻ ﺃﺣﺘﻔﻲ ﺑﺎﻷﻏﺎﻧﻲ.
ﺻﺎﺭ ﻟﻲ ﺫﻛﺮﻳﺎﺕ ﻋﻤﺮﻫﺎ ﺭﺑﻊ ﻗﺮﻥ.
ﺫﻛﺮﻳﺎﺕ ﺛﻘﻴﻠﺔ ﻛﺎﻟﺤﺠﺎﺭﺓ، ﻛﺼﺨﺮﺓ ﺳﻴﺰﻳﻒ.
ﺻﺎﺭ ﻟﻲ ﺃﺻﺪﻗﺎﺀ ﻳﻤﻮﺗﻮﻥ. ﻳﻤﻮﺗﻮﻥ
ﻣﺜﻠﻚ،
ﻓﻲ ﺃﻭﻝ ﺍﻟﻌﻤﺮ.