“صحيفة الثوري” – كتابات:
كتب: فضل محسن المحلائي
في 1 / نوفمبر / 2024م، التحق بركب الشهداء الأبرار والفقداء الأطهار والصناديد الأخيار ممن بذلوا أرواحهم وجلّ طاقاتهم من أجل الدفاع عن حياض الوطن والحرية والكرامة والعزة والسيادة. يومها رحل عَلَماً بارزاً وابناً باراً من أبناء الجنوب الأنجب، إنه (الماجد الردفاني) الفقيد الكبير اللواء (نصر شائف سعيد). يومها رحل واحد من أكثر الرجال وفاءً وإخلاصاً قولاً وفعلاً لتراب الجنوب وقضيته العادلة. يومها رحل أحد الشخصيات البارزة التي أسهمت بفعالية في معترك النضال الوطني الجنوبي، يومها رحل صاحب العقل الحار والقلب البارد والأيدي النظيفة والنظرة الثاقبة، يومها رحل أحد تيجان ردفان الأشاوس ممن يُشار إليهم بالبنان. يومها رحل من لا يعرف النكوص والتراجع عند الملمّات والأحداث الجِسام، ويتعامل مع الأوضاع المضنية والأحداث الشائكة ومستجدّات الأمور بكل حسم وعزم وحزم الرجال الأشداء.
عامٌ مضى على رحيل أصدق الرجال موقفاً وأكثرهم ثباتاً ونبلاً وتمسكاً بالقيم السامية والأهداف العظيمة. عامٌ مضى على رحيل رجل المبادئ والأهداف، الوفيّ للصداقة والمسيرة الكفاحية والنضالية. عامٌ مضى على رحيل الغيور، المكافح، المجاهد، من صبر طويلاً وناضل كثيراً وصمد أمام العواصف والأحداث الجسيمة بكل قوة وصلابة وجَلَد مدافعاً عن وطنه وشعبه وقضيته. عامٌ مضى على رحيل قويّ الشكيمة وشديد العزيمة والطود الشامخ والعقل الراجح وصاحب الإرادة الفولاذية. عامٌ مضى على رحيل رجل الجسارة والشهامة، المنتصر لقيم الخير والحق والعدل، من انتصر لقضية شعبه في الساحات والميادين. عامٌ مضى على رحيل من كان محلّ الثقة والترحيب والفخر والافتخار والاعتزاز عند كل من عرفوه وعايشوه، وكان له موقعٌ مميز ومتميز في قلوب وعقول ونفوس رفاقه وزملائه وأصدقائه وكل من عرفوه وعايشوه. عامٌ مضى على رحيل من كان يعمل بصمت ونكران للذات.
لقد كان الفقيد الراحل –رحمة الله تعالى عليه– مثالاً للوطني الغيور على أرضه وقضيته، جسوراً في مواقفه. إنه حقاً، بكل ما تحمله الكلمات من معانٍ، رجل من العيار الثقيل والطراز الرفيع ومعدن المناضلين النادر.
يُعد الفقيد الكبير صاحب سيرة عطرة حافلة بالبذل والعطاء والتضحية والفداء والمواقف البطولية الرائعة، كما عُرف بمزاياه وسجاياه ومناقبه الحميدة، عُرف عنه البساطة والتواضع الجمّ والأخلاق العالية، والهمة والثبات على المبدأ في سبيل الدفاع عن القيم الإنسانية والحرية والحق.
لقد كان الفقيد الراحل (أبا نادر) حقاً مخلصاً لوطنه حتى النخاع، وفياً بالتزاماته إلى أبعد الحدود، مدافعاً عن قضية شعبه حتى الرمق الأخير.
أيها الفقيد الغالي والثائر الثريّ في قيمه ومبادئه، ستنحني لكم الهامات بكل ألم وخشوع، وإننا نقول: في الذكرى السنوية الأولى لرحيلكم، وإن غبتم عنّا جسداً فإنكم حاضرون فينا سلوكاً ومدرسةً نضالية وكفاحية. وإن أفَل نجمك أيها الغالي فلن يأفل ضوؤه، سيظل ينير لنا الطريق حتى تتحقق خيارات شعبنا… كامل خيارات شعبنا.
أيها الفقيد الراحل يا من رفضتم الظلم وقاومتموه بكل شجاعة… لروحكم الطاهرة ولكل شهدائنا الأبرار وفقدائنا الأخيار منازل ومراتب الصديقين. لكم جميعاً الرحمة والغفران.
الفقيد الراحل من مواليد ردفان العام 1953م، نشأ وترعرع في كنف أسرة امتهنت الفلاحة وعشقت النضال وتوارثته من جيل إلى آخر و قدمت التضحيات في مختلف مراحل الثورة وبناء الدولة. وفي العام 1971م التحق الفقيد الراحل بسلك العمل الأمني (جهاز أمن الثورة).
يُعد فقيدنا الراحل واحداً من أبرز القيادات العسكرية والأمنية التي كان لها شرف تأسيس جمعيات المتقاعدين العسكريين والأمنيين، ومن أبرز مؤسسي الحراك السلمي الجنوبي.
أخي العزيز وصديقي ورفيقي أبا (نادر)، أستميحك عذراً إن لم تشأ الأقدار أن نكون معاً سوياً في سفر الرحيل الأبدي كما كنا رفقاء معاً سوياً في سفر الزمالة والصداقة والحياة العملية جنباً إلى جنب، ولكن هذه هي المكاتيب والأقدار. وعذراً مرة أخرى لعدم تمكننا نحن جميعاً أهلك وأحبّاك ورفاقك وزملاءك وأصدقاؤك من وداعك إلى مثواك الأخير للظروف القاهرة التي حالت دون ذلك.
صديقي العزيز وراحلنا الكبير الأقرب إلى القلب والتفكير معاً، لقد رحلت عنّا وتركت لنا إرثاً نضالياً وميراثاً كفاحياً نعتز ونفتخر به، وستظل صدى ذكراكم لا تفارقنا ولا تبارحنا حتى نلقاكم.
نم قرير العين أبا (نادر)، فِأمثالكم لا يموتون بل أحياء عند ربهم يرزقون، لأنكم ممن حملوا المشاعل على الدروب… المشاعل التي يسير على هداها جيل الأبناء، والأفكار التي يقتدي بها جيل الأحفاد.
أيها الفقيد الغالي، أيها الغائب الحاضر، لك السلام وعليك السلام وإليك السلام من أبنائك وإخوانك وأهلك ورفاقك وزملائك وأصدقائك ومحبيك، ومني شخصياً كاتب هذه السطور المتواضعة.
وفي جنات الخلد مع الرسل والأنبياء والصديقين والصالحين والشهداء، وحسن أولئك رفيقاً.

