آخر الأخبار

spot_img

عبدالملك الحوثي يتوعد اليمنيين مجدداً في خطاب الرد على مقتل وزارائه بغارات اسرائيلية

“صحيفة الثوري” – كتابات:

مرشد المرهون

ألقى زعيم جماعة الحوثيين عبدالملك الحوثي خطاباً قصيراً على غير العادة حيث لم يتجاوز الخطاب نصف الساعة عقب الغارة الإسرائيلية التي أودت بحياة رئيس حكومته وعدد من الوزراء، لكنه لم يحمل في طياته ملامح الحداد بقدر ما اتسم بنبرة تهديدية ضد الداخل اليمني.

بدأ الخطاب، الذي خصص دقائق قليلة فقط لنعي قتلاه، أقرب إلى رسالة تحذير قاسية موجّهة للشعب اليمني، معلناً أن أي شخص يُشتبه بتجسسه أو تسلله سيواجه عقاباً صارماً، دون أن تشفع له علاقاته السياسية أو انتماءاته القبلية أو صلاته النافذة.

تهديدات متصاعدة وحملة اعتقالات

تزامن خطاب الحوثي مع حملة اعتقالات واسعة في مناطق سيطرة الجماعة، شملت نشطاء وموظفين ووجوهاً اجتماعية، في مشهد يعكس توجهاً نحو إحكام القبضة الأمنية عقب الضربة الإسرائيلية، بدلاً من التركيز على مواجهة الخصم الخارجي. بدا وكأن الجماعة تحاول امتصاص أثر الضربة وتحويلها إلى أداة لترهيب الداخل، وفرض مزيداً من الصمت والخوف على المواطنين الذين يعانون أصلاً من أزمات اقتصادية خانقة، ونهب الموارد، وحرمانهم من الرواتب، واستنزافهم عبر الجبايات والضرائب والمكوس ومناسبات الإنفاق الديني المتكررة.

إسرائيل في الخطاب: شعارات بلا خطة

أما في ما يخص إسرائيل، فلم يقدّم الحوثي أي تفاصيل عملية حول الرد العسكري أو طبيعة المواجهة المقبلة. اكتفى بتكرار خطاباته التقليدية التي تربط الصراع بخيارين: النصر أو الشهادة، مؤكداً أن حركته تخوض “معركة مقدسة” وأن تضحياتها هي “الوقود الذي يقوي الثورة”. لكن ما غاب عن خطابه هو أي مؤشرات على تغيير قواعد الاشتباك أو استراتيجية جديدة، فيما صواريخه ومسيراته التي طالما تباهى بها لم تُسقط قتيلاً إسرائيلياً واحداً حتى الآن.

خطاب للهروب من الفشل

اللافت أن الحوثي، بدلاً من أن يوجّه طاقته نحو مواجهة خارجية، اختار أن يحمل اليمنيين مجدداً مسؤولية إخفاقاته العسكرية والسياسية، محولاً الضربة إلى فرصة لتبرير مزيد من القمع. تهديداته الداخلية كانت أكثر حدة من أي وعيد وجهه لإسرائيل، وهو ما يشي بمأزق القيادة الحوثية التي تحاول ترميم هيبتها عبر التخويف والبطش، في وقت تتآكل فيه شرعيتها بفعل الفشل الاقتصادي والسياسي والعسكري.

خاتمة

خطاب عبدالملك الحوثي الأخير ليس سوى حلقة جديدة في سلسلة من الخطابات التي تحوّل الصراع الخارجي إلى شماعة لتعميق الاستبداد الداخلي. وبينما يزداد اليمنيون سحقًا تحت وطأة الأزمات المتلاحقة، تتبدد وعود “المقاومة” في شعارات فضفاضة، فيما يبقى الخصم الحقيقي بالنسبة للجماعة هو المواطن اليمني نفسه.