(عدن) – “صحيفة الثوري”:
كشف الباحث اليمني المتخصص في علم الآثار عبدالله محسن عن عرض تمثال أثري نادر من الحضارة اليمنية القديمة في صالات مزادات عالمية، بعد تهريبه من اليمن قبل أكثر من خمسين عامًا وتنقله بين عدة دول.
وأوضح محسن، في منشور له، أن التمثال يُجسّد شخصية نسائية بارزة من مدينة تمنع، عاصمة مملكة قتبان، ويعود إلى القرن الثالث قبل الميلاد. التمثال مصنوع من المرمر والبرونز، ويُعد من أندر القطع التي تمثل الفن الجنائزي اليمني القديم، وقد نال اهتمامًا من باحثين غربيين مثل كليفلاند ودي ميغريه.
وبحسب المعلومات التي نشرها محسن، غادر التمثال الأراضي اليمنية إلى فرنسا قبل عام 1970، ثم انتقل إلى سويسرا، قبل أن يُعرض في معرض “باد لندن” للفنون خلال أكتوبر 2017، وهو أحد الفعاليات السنوية البارزة التي تُنظم في ساحة بيركلي البريطانية، تحت إشراف تاجر التحف الفرنسي باتريك بيرين.
وقد وُصف التمثال من قِبل مؤسسة فينيكس للفن القديم، التي عرضته ضمن مجموعتها، بأنه “أكمل تمثال مرمر معروف من تلك الفترة”، مشيرة إلى دقة تفاصيله، من الشعر البرونزي المنحوت والمجوهرات التي تتضمن أقراطًا وأساور على هيئة ثعابين، إلى التاج والملامح الهادئة التي تعكس مكانة التمثال الرمزية.
ويرى الباحث محسن أن التمثال يُجسّد امرأة ذات مكانة عالية، ربما كانت ملكية أو ذات صفة دينية، مشيرًا إلى أن وضعية اليدين وحضور التمثال قرب القبور في نماذج مماثلة توحي بدلالات جنائزية واضحة.
كما لفت إلى أن التنوع الفني في التماثيل البشرية القديمة بجنوب الجزيرة العربية يعكس غنى المعتقدات الجنائزية وتطور الممارسات الرمزية، وهو ما يظهر في تفاصيل دقيقة مثل العيون المطعّمة بالبيتومين والشفتين المنحوتتين بدقة.
وتواجه الآثار اليمنية خطرًا مستمرًا بفعل التهريب المنظم والنهب، الذي تصاعد مع اشتداد الصراع خلال السنوات الماضية. وقد سُجلت حالات متعددة لعرض قطع أثرية يمنية نادرة في مزادات دولية، ما يشكّل خسارة متواصلة لإرث ثقافي عريق تمتد جذوره إلى آلاف السنين.