“صحيفة الثوري” – كتابات:
د. فائزة عبدالرقيب
17 مليون يمني يعانون من انعدام الأمن الغذائي، بينهم 2.3 مليون طفل يواجهون خطر سوء التغذية الحاد، وفقا لبرنامج الأغذية العالمي الذي يرزح تحت أزمة تمويل خانقة. وهناك 4.8 مليون يمني مهددون بفقدان المساعدات الغذائية قريبا، بحسب تحذير شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة (FEWS NET) في مايو الماضي. إنها كارثة وشيكة – لكن من يهتم؟
حرب مستمرة، وصراعات بينية غير خافية على احد بين الاطراف السياسية في السلطة الشرعية المتنافسة على السلطة والنفوذ فحسب، يقابله اقتصاد منهار وانقطاع كهرباء يتجاوز العشرين ساعة يوميا وتلوث في المياه وخدمات تعليمية وصحية بائسة، بينما الحكومة تقف عاجزة والأمم المتحدة والعالم يكتفيان بالبيانات والتصريحات.
هذه ليست مجرد ارقام في تقرير، بل ارواح بشرية مهددة بالجوع. المساعدات الإنسانية باتت شريان الحياة الوحيد لملايين الاسر، لكنه شريان مهدد بالانقطاع في اي لحظة والاوضاع تزداد سوءًا بلا اي بارقة أمل حقيقية.
لكن من اوصلنا الى هنا؟ هذه الازمة الاقتصادية الخانقة لم تهبط علينا من السماء. إنها حصيلة حرب عبثية طويلة وصراع على السلطة بلا ضمير وسياسات رعناء وجشع ميليشيات لا ترى في المواطن سوى مكسبا و خزينة مفتوحة او درعا بشريا.
الجميع يعلم ان هجمات الحوثيين على المنشآت النفطية اوقفت الايرادات الحكومية وشلت الخدمات، فيما تراجع الدعم الدولي إلى مستويات مخجلة. فقد انخفض الدعم الأمريكي الى 16 مليون دولار فقط في النصف الأول من 2025، مقارنة بـ768 مليونا في 2024، في حين لا يتجاوز تمويل خطة الاستجابة الانسانية لعام 2025 نسبة 8% من المطلوب. اين الضمير العالمي؟ واين الحكومة من كل هذا؟
اليوم، بلادنا تقف على حافة مجاعة غير مسبوقة والجميع صامت. الأمم المتحدة تدعو إلى خفض التصعيد واحترام القانون الانساني، لكن الحوثيين غير عابئين، ماضون في مشروعهم السلالي الطائفي.
الاجتماعات والخطابات التي لا تفضي إلى اي نتائج عملية لم تعد تقنع المواطن الذي ينتظر من حكومته أن تمارس ضغطًا دبلوماسيًا حقيقيًا، وأن تطالب بتمويل عاجل، وحلول سياسية توقف هذا النزيف.
والحقيقة المؤكدة أن العالم لن ينقذنا إذا لم ننقذ انفسنا. علينا أن نواجه المسؤولين عن هذه الكارثة فهي قد استفحلت فعليا، ولن يكون الجوع قدرا مكتوبا بل قد جنيناه بأيدينا.