آخر الأخبار

spot_img

دراسة حديثة: جنوح الدلافين في جزيرة سقطرى مرتبط بعوامل متعددة ويشكل جرس إنذار بيئي

سقطرى – “صحيفة الثوري”

أكدت دراسة حديثة إن ظاهرة جنوح الدلافين، التي وقعت مطلع يونيو الجاري في محافظة أرخبيل سقطرى، مرتبطة بشكل وثيق بالتغيرات البيئية الموسمية الحادة، حيث تتقاطع التيارات البحرية المتضاربة مع الخصائص الطبوغرافية الفريدة في الجزيرة.

وأضافت الدراسة الصادرة عن “مركز سقطرى للدراسات الإنسانية والاستراتيجية” أن الدلافين قارورية الأنف والمخططة، وهي أنواع اجتماعية تعيش في قطعان متماسكة، تُدفع بالتقلبات المناخية المفاجئة خلال موسم الرياح الموسمية، خاصة في مايو–يونيو وسبتمبر–أكتوبر، إلى المياه الضحلة، حيث تُربك المنحدرات الساحلية اللطيفة أنظمة الدلافين التوجيهية المعتمدة على تحديد المواقع بالصدى.

وأكدت الدراسة أن حادثة الجنوح الأخيرة “تُعدّ استمراراً لسلسلة من حوادث الجنوح التي شهدتها الجزيرة خلال السنوات الأخيرة، والتي باتت تثير تساؤلات علمية وبيئية متزايدة حول أسبابها المتكررة”.

وأوضحت أن سواحل سقطرى، خصوصاً الشمالية والشرقية والغربية، “تشهد بشكل دوري حالات جنوح فردية وأحياناً جماعية للدلافين، خاصة خلال فترات التغير الموسمي في التيارات البحرية ودرجات حرارة المياه”.

وعن الأسباب المحتملة للظاهرة، التي تثير مخاوف وتساؤلات كثيرة، أشارت الدراسة إلى مجموعة من العوامل، من أبرزها “التغيرات الجذرية في أنماط التيارات البحرية ودرجات حرارة المياه خلال فترة الرياح الموسمية الجنوبية الغربية، مما قد يدفع الدلافين للاقتراب من المناطق الساحلية بحثاً عن مصادر غذائية جديدة”.

ومن بين العوامل الأخرى “ظاهرة الصعود البحري”، حيث تجلب مياهاً باردة غنية بالمغذيات من أعماق المحيط إلى سطح البحر، مما يؤدي إلى تغيرات حادة في درجات الحرارة والكثافة المائية، وقد يتسبب ذلك في فقدان الدلافين قدرتها على تحديد الاتجاه.

كما قد تشكل العوامل الطبوغرافية، مثل الخلجان والمداخل الضيقة والمتعددة حول سقطرى، “فخاخاً طبيعية” للدلافين، وفقاً للدراسة، إلى جانب عوامل أخرى متعلقة بالضوضاء الناتجة عن محركات قوارب الصيد والنشاط البشري، والتي يمكن أن تشوش على أنظمة الإيكولوكيشن. كما أن استخدام السونار قد يؤدي إلى اضطرابات في سلوك التوجه لدى الدلافين.

وخلصت الدراسة إلى عدد من التوصيات للحد من الظاهرة وحماية الحياة البحرية في سقطرى، منها: تطوير نظام إنذار مبكر في المواقع المتكررة لحوادث الجنوح، وتدريب فرق إستجابة محلية مؤهلة على إنقاذ الدلافين بطريقة علمية، ومراقبة التيارات الموسمية ودرجات الحرارة لتحديد فترات الخطورة، وتعزيز وعي المجتمع المحلي حول طرق التعامل السليم مع حالات الجنوح، بالإضافة إلى إجراء مسوحات دورية لصحة وسلوك الدلافين في سقطرى.

وشدد الدكتور عمر السقطري، مدير الأبحاث البيئية في المركز، على أن “ظاهرة جنوح الدلافين ليست مجرد حادثة عابرة، بل هي جرس إنذار حيوي لاختلال التوازن في أحد أغنى النظم البيئية البحرية في العالم”.

وبحسب الدراسة، فإن معدل نجاة الدلافين في حوادث الجنوح في سقطرى يصل إلى 60%، وهو أعلى من المعدل العالمي، ويُعزى ذلك إلى الإستجابة السريعة من السكان المحليين.

وكانت الحكومة، ممثلة بوزير الزراعة والري والثروة السمكية، سالم السقطري، قد وجّهت في السادس من يونيو الجاري “فرع هيئة مصائد الأسماك في سقطرى بالتنسيق مع هيئة أبحاث علوم البحار والأحياء المائية، وفرع حماية البيئة في الأرخبيل”، بالتحقيق في أسباب نفوق العشرات من الدلافين على شواطئ الأرخبيل. إلا أنه لم يصدر عن تلك الجهات أي تقرير رسمي بشأن نتائج النزول الميداني حتى لحظة نشر هذه الدراسة الصادرة عن مركز بحثي مستقل.