آخر الأخبار

spot_img

قصة الحزب الاشتراكي اليمني: بين رؤية حداثية وطغيان صراع الموروث

صحيفة الثوري- كتابات:

أ. مبارك باشحري 

يعود الفضل في ريادة تحقيق العدالة الاجتماعية في اليمن إلى تجربة الحزب الاشتراكي اليمني، بوصفه الوريث التنظيمي والسياسي للجبهة القومية ذات التوجه اليساري، والتي تبنّت مشروعًا وطنيًا يسعى إلى إرساء العدالة وصون السيادة الوطنية، وتحملت عبء تعميم هذه التجربة لتشمل كامل الجغرافيا اليمنية.

ومع اندلاع الأزمة السياسية في اليمن عام 2015، كان موقف الحزب الاشتراكي – المستند إلى مقررات الكونفرنس العام لعام 2012 – موقفًا صائبًا، إذ سبق له أن توقّع حتمية حدوث مثل هذه الأزمة، واتخذ حيالها قرارات تنظيمية وإجراءات داخلية استباقية، جسّدت وعيًا مبكرًا بالمتغيرات القادمة.

غير أن هذه القرارات التنظيمية لم تحظَ بالمتابعة والرقابة اللازمة على مستوى الأداء والتنفيذ، ما أفسح المجال أمام عودة صراع الموروث، وطغيان النزعة التقليدية على مشروع العدالة والحداثة الذي كان الحزب قد بدأ في ترسيخه، وأعاد إلى الأذهان الخلافات التي شهدها الرعيل الأول من قيادة الحزب في سبعينيات القرن الماضي بشأن سبل تحقيق الوحدة اليمنية: بين من رأى ضرورة الوصول إليها باتفاق قانوني بين قيادتي الشطرين – استكمالًا لاتفاق طرابلس عام 1973 – وبين من رأى أنها لا تتحقق إلا بإسقاط النظام في صنعاء عبر استخدام القوات المسلحة الجنوبية ودعم المنتمين للحزب هناك.

وعند العودة إلى الخصائص الأنثروبولوجية للمجتمع اليمني، نجد أن الحداثة التي رفع لواءها الحزب الاشتراكي لم تكن سوى انعكاس لوجه الموروث الشعبي في قالب جديد. هذه الحداثة، رغم تجلياتها، لم تكن مفهومة أو مقبولة لدى بعض القيادات بسبب خلفياتهم الثقافية المتراكمة والناتجة عن صراعات مناطقية ضاربة في عمق التاريخ، سبقت حتى ميلاد جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.

لكنّ الواقع اليوم، وخاصة ما تعانيه الجماهير في محافظات غرب الجنوب، يُحتّم على قيادة الحزب الاشتراكي اليمني وكوادره وقواعده ومناصريه، أن يعيدوا إحياء جوهر التجربة الأولى، كما لا تزال حاضرة في ذاكرة الناس، عبر استرجاع المبادئ الأصيلة للحزب وتطبيقاته العملية في خدمة العدالة الاجتماعية. فلا بد من إعادة ضخّ الحياة في عروق الحزب، بخطوات عملية وجريئة، تُمكّنه من استعادة مكانته الطبيعية، وعدم تفويت الفرص والاستحقاقات القادمة.

وأنا على يقين أن هذه المرحلة الطارئة ستزول، وأن التفاعل الجماهيري والنشاط العملي قابل للاستعادة والتجدد، بإذن الله،
والله من وراء القصد

*سكرتير اول منظمة الحزب الاشتراكي في مديرية الحامي محافظة حضرموت