آخر الأخبار

spot_img

منظمة سام تصدر تحقيق استقصائي يكشف تفاصيل حجم كارثة انفجارات حي صرف بصنعاء

جنيف – “صحيفة الثوري”

كشف تحقيق استقصائي، تفاصيل إنفجار حي صرف في صنعاء الذي حدث‬⁩ بتاريخ 22 مايو المنصرم، مستنداً إلى شهادات، وصور الأقمار الصناعية، وتحليل دقيق.

وأكد التحقيق، الصادر عن منظمة سام للحقوق والحريات اليوم الإثنين، أن هذه الحادثة فضحت حجم الدمار الذي خلّفه تخزين الأسلحة وسط المدنيين، وأكّدت خطورة هذه الانتهاكات وما يترتب عليها من مسؤوليات قانونية واضحة تستدعي المساءلة.

وأضاف أن الإنفجار أسفر عن مقتل وإصابة ما يزيد عن 150 مدنياً، بينهم نساء وأطفال، فضلاً عن تدمير ما بين 20 و30 مركبة بشكل جزئي أو كلي، كما ألحق أضراراً متفاوتة بنحو 100 منزل و8 محلات تجارية، فيما أمتدت دائرة التأثير المباشر للانفجار لمسافة تصل إلى 60 متراً.

وأكدت صور الأقمار الصناعية الملتقطة في 24 مايو 2025 حجم الدمار وغياب أي مؤشرات لهجوم خارجي، ما يعزز فرضية وقوع الانفجار من الداخل بسبب مستودع غير مؤمّن للذخائر.

وأعتمد التحقيق على منهجية استقصائية جمعت بين شهادات شهود عيان، وصور الأقمار الصناعية، والتحليل الطيفي للصوت، فضلاً عن المؤشرات البصرية ومقاطع الفيديو، مع توظيف أدوات الذكاء الاصطناعي لمراجعة البيانات وتحليل موجات الضغط الناتجة عن الانفجار، ما أتاح الخروج بخلاصات معتبرة تعكس حجم الكارثة وتفاصيلها.

وبيّن التقرير أن التحليل الطيفي للصوت، الذي أُجري بمقارنة نمط الترددات الصوتية مع انفجارات عسكرية، أظهر موجة صدمة قوية ولحظية تُشير إلى إنفجار عسكري عالي الطاقة.

وأبرزت المؤشرات البصرية، مثل ألوان اللهب الأبيض والبرتقالي وكثافة الدخان، طبيعة المواد المتفجرة العسكرية المستخدمة، مستبعداً بشكل شبه كامل فرضية وقوع قصف جوي خارجي أو إنفجار عرضي.

وأوضح أن موقع المستودع، الذي كان يضم هنجراً بسقف معدني رقيق وقبواً تحت الأرض، ساعد في تضخيم آثار موجات الانفجار، مما أدى إلى دمار هائل في دائرة نصف قطرها 20-30 متراً، مع بقاء التأثيرات الخطرة على النوافذ والمباني في مدى أبعد.

ولفت التقرير إلى أن هذه النتائج تتطابق مع معايير عسكرية تقنية، بما في ذلك المعيار 806-03 لوزارة الدفاع الأمريكية، ما يُعزز موثوقية النتائج المستخلصة.

ونوّه التقرير إلى أن ما حدث يعكس نمطاً متكرراً في مناطق سيطرة جماعة الحوثي، حيث تُستخدم الأحياء المكتظة لتخزين الأسلحة، ما يعرض حياة المدنيين للخطر ويفاقم معاناتهم، موضحاً أن هذه الممارسات تُبرز حجم الفجوة بين التزامات القانون الدولي والواقع الميداني، وتُسهم في إستمرار حلقة العنف ومعاناة المدنيين.

وأشار إلى أن جماعة الحوثي فرضت طوقاً أمنياً صارماً على الموقع ومنعت وسائل الإعلام وفرق الإغاثة وأقارب الضحايا من الوصول، وفق ما أكدته شهادات محلية والمركز الأمريكي للعدالة، لافتاً إلى أن الجماعة استقدمت تعزيزات عسكرية من كلية الهندسة ومعسكر صرف لتأمين المنطقة، في ظل غياب تام لأي بيان رسمي يوضح أسباب الحادثة.

وذكر أن هذه التدابير الأمنية، إلى جانب حملة منسقة من التعليقات الإلكترونية المشككة والساخرة، هدفت إلى إنكار الحادثة أو الترويج لروايات بديلة تزعم أن الانفجار نتيجة قصف جوي أو ماس كهربائي أو حادث عرضي، بما يعكس محاولة واضحة للتشويش على الحقائق وطمس المسؤولية.

وأبرز خطورة هذه الحادثة التي تُعد انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي الإنساني، مستنداً إلى المادة 13 من البروتوكول الثاني الإضافي لاتفاقيات جنيف، والمادة 58 من البروتوكول الأول الإضافي، اللتين تلزمان بحماية المدنيين ونقل الأهداف العسكرية خارج المناطق المأهولة.

وأعتبر أن ما حدث يُشكل جريمة حرب وفق المادة 8 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، بالنظر إلى تخزين أسلحة في حي سكني مكتظ دون تدابير وقائية.

ودعا التقرير المجتمع الدولي إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية أو بعثة تقصي حقائق مستقلة تتمتع بصلاحيات واسعة للوصول إلى الأدلة الميدانية وتوثيقها، بما يضمن العدالة ويمنع الإفلات من العقاب.

وشدد على ضرورة نقل الأسلحة والذخائر من المناطق السكنية إلى مواقع آمنة بعيدة عن المدنيين، وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي للضحايا وأسرهم لمساعدتهم على تجاوز آثار الكارثة.

وأعتبر التقرير أن حماية المدنيين في مناطق النزاع مسؤولية جماعية تتجاوز الإدانة الكلامية، داعياً إلى تحرك فعّال يضمن حق هؤلاء السكان في العيش بأمان وكرامة، بعيداً عن شبح انفجارات جديدة قد تتهدد حياتهم في أي لحظة.