عدن – صحيفة الثوري:
حذّر البنك الدولي من تدهور غير مسبوق في مؤشرات الاقتصاد اليمني، مشيراً إلى أن البلاد تواجه انكماشاً اقتصادياً محتملاً في عام 2025، في ظل استمرار الصراع المسلح، وتعمق الانقسام المؤسسي، وتراجع الدعم الخارجي.
وفي تقرير “المرصد الاقتصادي لليمن – ربيع 2025” الصادر تحت عنوان “الهشاشة المستمرة وسط تزايد المخاطر”، أشار البنك إلى أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي انخفض بنسبة 58% منذ العام 2015، فيما سجل معدل التضخم في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً أكثر من 30% خلال العام 2024.
وأظهر التقرير أن الريال اليمني شهد تراجعاً حاداً في قيمته خلال العام الماضي، من 1,540 إلى 2,065 ريالاً مقابل الدولار الأميركي، ما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، وارتفاع مستويات الفقر، وتفاقم المعاناة المعيشية للأسر.
وتطرّق التقرير إلى التداعيات المالية لتوقف صادرات النفط نتيجة الحصار الحوثي المستمر، مؤكداً أن الإيرادات الحكومية (باستثناء المنح) انخفضت إلى 2.5% فقط من الناتج المحلي الإجمالي. وعلى الرغم من خفض عجز الموازنة من 7.2% في 2023 إلى 2.5% في 2024 نتيجة تقليص الإنفاق وزيادة الدعم المؤقت، إلا أن الوضع المالي لا يزال هشّاً للغاية.
كما لفت التقرير إلى تزايد التهديدات الأمنية في البحر الأحمر، حيث تم تسجيل أكثر من 450 حادثة واعتداء بحري خلال عام 2024، ما أدى إلى تعطيل حركة التجارة عبر مضيق باب المندب، وارتفاع تكاليف الشحن بشكل كبير.
ويواجه الاقتصاد اليمني، بحسب التقرير، تحدياً كبيراً يتمثل في الانقسام إلى منطقتين اقتصاديتين منفصلتين، مع مؤسسات نقدية وسلطات مالية متباينة، الأمر الذي يقوّض التنسيق الوطني ويعمّق التفاوتات الاقتصادية والإقليمية.
وفي تعليقها على نتائج التقرير، قالت دينا أبو غيدة، مديرة مكتب البنك الدولي في اليمن:
“الاقتصاد اليمني يعاني من التجزؤ والهشاشة، ومع ذلك، فإن إمكانية التعافي لا تزال قائمة. يمكن اتخاذ خطوات فورية مثل دعم المؤسسات المحلية وحماية الخدمات الأساسية لتخفيف الضغوط الاقتصادية على اليمنيين، ريثما يتحقق السلام الشامل.”
ويُتوقع، وفق التقرير، أن ينكمش الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 1.5% في 2025، مع انخفاض نصيب الفرد من الناتج المحلي الاسمي بنحو 19%، في ظل أزمة سيولة حادة، وانهيار متواصل في قيمة العملة، واضطرابات في إمدادات الوقود، وتصاعد الضغوط التضخمية، يقابلها اتساع في الاعتماد على أنظمة المقايضة والمعاملات غير الرسمية، خصوصاً في مناطق سيطرة الحوثيين.
واختتم البنك الدولي تقريره بعرض ثلاثة سيناريوهات لمستقبل الاقتصاد اليمني:
استمرار الوضع الراهن،
تصعيد الصراع،
أو الاتجاه نحو سلام دائم.
وفي حال تحقق السيناريو الثالث، توقع البنك أن ينمو الاقتصاد اليمني بمعدل 5% سنوياً على مدى 15 عاماً، بدعم من تدفق الاستثمارات، وعمليات إعادة الإعمار، وتعزيز دور المؤسسات الوطنية.