آخر الأخبار

spot_img

رواية “وحي” لحبيب سروري ضمن قائمة “أفضل 50 رواية عربية في القرن 21”: تكريم يمني في مشهد أدبي متحول

صحيفة الثوري- ثقافة

اختيرت رواية وحي للروائي والأكاديمي اليمني حبيب عبد الرب سروري ضمن قائمة “أفضل 50 رواية عربية في القرن الحادي والعشرين”، بحسب تصنيف حديث نشرته صحيفة The National الإماراتية بالتعاون مع مركز أبوظبي للغة العربية، وبمشاركة أكثر من 50 كاتبًا وناشرًا وخبيرًا أدبيًا من أنحاء العالم العربي.

ويعد هذا التكريم تتويجًا لمسيرة أدبية استثنائية نجح خلالها سروري في تقديم نصوص روائية تتسم بالجرأة الفكرية والتأمل العميق في قضايا الهوية والتحول، وهو ما يتجلى بوضوح في رواية وحي، الصادرة عن “دار الساقي” عام 2018، والفائزة بجائزة “كتارا للرواية العربية” في فئة الروايات المنشورة عام 2019.

رواية بين الفلسفة والسرد

في وحي، ينسج سروري عوالم سردية وفكرية تستكشف التوترات العميقة في الذات اليمنية والعربية. بطل الرواية “غسان العثماني” يجد نفسه في مدينة سورينتو الإيطالية يتلقى رسالة غامضة تفتح أمامه بوابات الذاكرة. من جامع العيدروس في قريته اليمنية تبدأ الرواية، لتتشعب في مسارات فكرية ودينية وحزبية، تطرح أسئلة وجودية عن الإيمان والانهيار، والمعنى في عالم يتغير على نحو متسارع.

الرواية لا تقف عند حدود السرد، بل تنفتح على التأمل الفلسفي، متخذة من مسيرة الشخصية الرئيسية مرآة لصراع الهوية والانتماء، بين الشرق والعقل، بين الذات والحقيقة، في زمن عربي مأزوم تتنازعه التيارات الدينية والحداثية على حد سواء.

من الرياضيات إلى الأدب

ولد حبيب سروري في عدن عام 1956، ويعمل أستاذًا لعلوم الحاسوب في المعهد الوطني للعلوم التطبيقية بفرنسا منذ عام 1992. حصل على دراساته العليا من جامعتي السوربون والنورماندي، وبدأ مسيرته الأدبية برواية باللغة الفرنسية (La Reine Étripée)، ثم تحول إلى الكتابة بالعربية، حيث أنجز عشر روايات، من أبرزها تقرير الهدهد وابنة سوسلوف، التي وصلت إلى القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية عام 2015.

يُعد سروري من الأصوات القليلة التي تمزج بين العمق العلمي والخيال السردي، وهو ما جعله حاضرًا بقوة في المشهد الثقافي العربي، من خلال مؤلفاته الأدبية والعلمية، ومشاركته الفكرية الدائمة عبر كتاباته باللغتين العربية والفرنسية. كما يترأس جمعية “أصدقاء المعري”، التي تعبر عن انحيازه المبدئي للعقل وحرية الفكر.

رمزية تكريم في زمن الحرب

يمثل اختيار وحي ضمن هذه القائمة العالمية إضاءة مهمة على الأدب اليمني، الذي يعاني من التهميش في ظل الحرب والانهيار المستمر. إلا أن الرواية تثبت أن الأدب، حتى في أحلك الظروف، يظل قادرًا على فتح آفاق أوسع لفهم الذات والواقع، وتقديم خطاب نقدي يعيد مساءلة المفاهيم السائدة.

كما أن هذا التكريم يضع اسم اليمن، من خلال تجربة سروري، ضمن مشهد أدبي عربي متحول، تتصدره روايات تُعيد تعريف العلاقة بين القارئ والسرد، وتطرح أسئلة عميقة حول التاريخ، والسياسة، والدين، والحرية.

أدب عربي جديد

جاءت رواية وحي إلى جانب روايات بارزة مثل الطلياني لشوقي الماجري، وسيدات القمر لجوخة الحارثي، وحارس الشمس لإيمان اليوسف، ضمن قائمة أعدها خبراء أدبيون لتوثيق أبرز الأصوات السردية في العالم العربي منذ مطلع الألفية. وتكشف القائمة عن اتساع رقعة السرد العربي، وتنوع موضوعاته، من المنفى والهوية، إلى قضايا الحرية والتحولات الاجتماعية.

في زمن عربي مأزوم، تؤكد وحي لحبيب سروري أن الرواية لا تزال قادرة على مساءلة الواقع، وتأطيره في نصوص تحمل قدرًا من العمق، وتعيد الاعتبار للعقل، وللذات التي تكتب وتفكر وتشكك، وتبحث عن معنى وسط الركام.