آخر الأخبار

spot_img

في الذكرى ال51 لرحيل المناضل الكبير عبدالقادر سعيد: من حيفان الي عدن وصنعاء سيرة مناضل رفض الانحناء ومات واقفا

عدن- صحيفة الثوري:

في مثل هذا اليوم من العام 1974، فقدت الحركة الوطنية اليمنية أحد أبرز رجالاتها، المناضل الخالد عبدالقادر سعيد أحمد طاهر الأغبري، الملقب بـ”أبو سند”، والذي رحل في ظروف غامضة عن عمر ناهز 33 عامًا، بعد أن أفنى حياته في سبيل بناء يمن وطني، ديمقراطي، حر ومستقل.

ولد عبدالقادر سعيد عام 1941 في قرية الأشعاب، عزلة الأغابرة، مديرية حيفان بمحافظة تعز، في بيت وطني تشرب النضال باكرًا؛ إذ كان والده من مناضلي ثورة 1948 وقد أُصيب بشظايا ظلت تلازمه مدى الحياة. أكمل دراسته في عدن وتخرج في كلية الثقافة العامة بجامعة عدن، وهناك التحق باكرًا بحركة القوميين العرب ليصبح أحد رموزها في اليمن.

مناضل من طراز فريد

لم يكن عبدالقادر سعيد مجرد ناشط سياسي، بل كان رأس حربة في تشكيل الحركة الوطنية المعاصرة في اليمن. أسس خلايا سرية لحركة القوميين العرب في التواهي، ثم أصبح المسؤول السياسي للحركة في شمال اليمن منذ العام 1963. شارك في تأسيس تنظيم الجبهة القومية، وكان أحد ممثلي اليمن في القيادة المركزية لحركة القوميين العرب في بيروت عام 1965.

كما شارك في مؤتمر حرض عام 1965 وكان أحد أبرز منسقي الدعم العسكري والمالي لثورة 14 أكتوبر من الشمال، وأشرف على العلاقات السياسية مع الحكومة الشمالية في خدمة أهداف الجبهة القومية. وكان صوتاً عقلانياً في أوقات الصراع، محاولاً رأب الصدع بين جبهتي القومية والتحرير والحكومة في صنعاء.

ضمير الحركة الوطنية

يُجمع رفاقه على أن الأغبري كان ضميرًا نقيًا للحركة الوطنية اليمنية. امتاز بروح تسامحية، وفكر وحدوي جامع، يرفض العنف والانقلابات، ويؤمن بالنضال السياسي كطريق لتحقيق تطلعات الشعب. كان ضد الكفاح المسلح في الشمال، لكنه من أوائل المدافعين عن الثورة المسلحة ضد الاستعمار في الجنوب.

أطلق مبادرات لتشكيل جبهة وطنية جامعة، ودعا إلى مشاركة الأحزاب في الحياة السياسية في عدن. وهو أحد مؤسسي الحزب الديمقراطي الثوري اليمني، وعضو في أمانته العامة ومسؤوله السياسي. تعرّض لمحاولات اغتيال متعددة وفرضت عليه الإقامة الجبرية أكثر من مرة، واعتُقل في العام 1973 على يد حكومة القاضي الحجري.

رحيل غامض وصدى طويل

في يونيو 1974، توفي عبدالقادر الأغبري داخل مستشفى جبلة المعمداني في ظروف وصفت بـ”الغامضة”، حيث اتهم حزبه حينها طبيبًا أجنبياً تابعًا للاستخبارات الأمريكية بسحب السوائل من جسده عمداً. دفن في تعز، وظلت ذكراه حية، ليس فقط في ذاكرة رفاقه بل في وعي الحركة الوطنية بكل أطيافها.

في العام نفسه، أصدرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين فيلماً تسجيلياً عن سيرته ونضاله.

إرث لا يموت

ما زال عبدالقادر الأغبري يشكل نموذجًا سياسيًا وأخلاقيًا نادرًا في الحياة السياسية اليمنية. شكلت مسيرته ملتقىً نادراً بين النضال القومي، والانتماء الاشتراكي، والتفكير الوحدوي. جمع بين عدن وتعز، وبين الجنوب والشمال، وكان نقطة التقاء لرفاق النضال في زمن التشظي والانقسام.

ترك بصمة لا تمحى في العمل السياسي والثقافي والاجتماعي، وكان داعية فكر ونزاهة وإصلاح. ومثلما رحل باكرًا، فقد ظل حضورُه ممتدًا، وصدى كلماته وأفكاره يتردد حتى اليوم في كل ساحة من ساحات الكفاح الوطني اليمني.