صحيفة الثوري – كتابات:
د. فائزة عبدالرقيب
تأتي زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السعودية والإمارات في لحظة مفصلية، حيث تتقاطع مصالح القوى الكبرى مع تعقيدات المشهد اليمني وتُفتح نوافذ محتملة للتأثير على مسار الأزمة المستعصية. ورغم أن تركيز الزيارة يتمحور حول تعزيز التحالفات مع الرياض وأبوظبي، إلا أنها قد تشكل فرصة – ولو محدودة – لإعادة طرح الملف اليمني من زاوية مختلفة وأكثر شمولًا وواقعية.
تتمثل هذه الفرصة في قدرة السعودية والإمارات على نقل صورة موضوعية عن تعقيدات الأزمة اليمنية والدفع باتجاه تسوية شاملة تُشرك كافة الأطراف، بعيدًا عن ترتيبات جزئية أو ثنائية قد تُقصي فاعلين أساسيين على الأرض. أما إذا استُغلت الزيارة لتكريس محاور النفوذ الإقليمي أو تثبيت واقع الانقسام فستكون مجرد عقدة جديدة تُضاف إلى الأزمة اليمنية المتشابكة.
ثمة مؤشرات تحوّل ظهرت خلال الزيارة، أبرزها إعلان ترامب من الرياض عن رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا ودعوته إيران إلى التفاوض بشأن ملفها النووي، فيما يبدو أنه تحوّل في الاستراتيجية الأمريكية نحو مقاربة تقوم على التعاون الاقتصادي بدلًا من المواجهة العسكرية. إلا أن الملف اليمني بقي في الظل ولم يحظَ بتركيز علني رغم ما تم تسريبه عن هدنة غير معلنة بين الولايات المتحدة والحوثيين بوساطة عمانية أوقفت الضربات الجوية الأمريكية دون أن تشمل أطرافًا أخرى مثل إسرائيل.
الرهان الحقيقي يبدأ بعد الزيارة، هل تلتقط الأطراف اليمنية والإقليمية هذه اللحظة لفتح حوار جاد وبناء مسار سياسي جامع؟ اليمن اليوم بحاجة إلى مقاربة جديدة تُراعي المتغيرات الإقليمية والدولية وتؤسس لحلول تقوم على الشراكة والتفاهم لا على منطق الإقصاء والغلبة إذا ما أرادت البلاد الخروج من عنق الزجاجة واستعادة الدولة وتسوية خلافاتها يمنية – يمنية.