آخر الأخبار

spot_img

الصراع على المهرة

صحيفة الثوري- ترجمة خاصة بالثوري:

إبراهيم جلال

تصاعد التوتر في المحافظة اليمنية الشرقية يثير القلق على جانبي الحدود.

في يناير الماضي، نشرت قوات درع الوطن، وهي قوة سلفية مدعومة من السعودية وتخضع لقيادة رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، عدة وحدات في محافظة المهرة شرقي اليمن. هذه الخطوة، وما أثارته من معارضة من قبل اللجنة المنظمة للاعتصام السلمي في المهرة، التي ترفض أي تدخل خارجي غير عماني، تعكس عودة التنافس السعودي-العماني في المحافظة، مما يهدد استقرارها ويعمق الانقسامات بين أبنائها.

قبل انتشار قوات درع الوطن، أعلن الشيخ أحمد بلحاف، الرئيس السابق للعلاقات الخارجية في اللجنة المنظمة للاعتصام، دعمه لهذه القوات، مشيراً إلى ما وصفه بـ”انتشار أجندة حوثية” في المحافظة، كما أسس مجموعة منشقة باسم “المسار التصحيحي” للجنة. في المقابل، دعا الشيخ علي سالم الحريزي، زعيم اللجنة المدعوم من عمان والمقرب من أنصار الله (الحوثيين)، إلى التعبئة العامة ضد الوجود السلفي والنفوذ السعودي.

وكما هو الحال في محافظة حضرموت المجاورة، تسعى قوات درع الوطن في المهرة إلى توسيع نفوذها عبر التجنيد المحلي، بمن فيهم غير السلفيين، لضمان دعم السكان. وقد تعهدت بعدم اتخاذ أي خطوات قد تثير استياء المجتمع المحلي، في خطوة تهدف إلى الحد من تأثير قوات الحريزي القبلية، التي يُقال إنها تتلقى رواتب شهرية تصل إلى 200 ريال عماني (حوالي 530 دولاراً أمريكياً). وفي أواخر فبراير، شهدت مديرية قشن اجتماعاً ضم قيادات قبلية ومسؤولين محليين، ما يعكس قبولاً نسبياً لقوات درع الوطن.

الأهداف السعودية وعمان

تسعى السعودية من خلال توسيع سيطرة درع الوطن إلى تعزيز أمن الحدود الشرقية ومنع تهريب الأسلحة عبر عمان إلى أنصار الله، لا سيما معدات تجميع الطائرات المسيّرة والصواريخ. ففي ديسمبر الماضي، أعلنت السلطات الأمنية في المهرة عن ضبط كابلات الألياف الضوئية في منفذ صرفيت الحدودي، يُشتبه بأنها كانت متجهة إلى الحوثيين لاستخدامها في تعزيز قدرات الطائرات المسيّرة.

إلى جانب الأهداف الأمنية، تحاول السعودية تعزيز الاستقرار في المهرة عبر مشاريع تنموية، مثل إنشاء مدينة الملك سلمان الطبية والتعليمية ومركز لغسيل الكلى. كما تهدف إلى الحد من نفوذ المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم من الإمارات، ومنعه من التوسع إلى المهرة بعد أن عزز وجوده في حضرموت.

في المقابل، تنظر عمان إلى المهرة من منظور الأمن القومي والاستقرار الداخلي، حيث تخشى من انتشار الأيديولوجية السلفية إلى المناطق الغربية من السلطنة، مثل محافظة ظفار ذات الأغلبية السنية، ما قد يؤثر على السلم الأهلي. كما ترفض عمان أي تمدد سعودي أو إماراتي في المهرة، معتبرة أن ذلك يمس بنفوذها التقليدي في المحافظة.

تصاعد التوتر والمواجهات المحتملة

منذ ديسمبر 2024، كثّفت اللجنة المنظمة للاعتصام حملاتها المناهضة لقوات درع الوطن والوجود السعودي. ففي يناير، أعلن الحريزي عن مرحلة جديدة من المقاومة السلمية ضد “التدخل الخارجي والأجندة الطائفية”، متهماً السعودية بزعزعة استقرار المهرة، كما نظم احتجاجات في الغيضة، عاصمة المحافظة. وفي فبراير، اندلعت اشتباكات بين مليشيات قبلية مناهضة لدرع الوطن وقوات أخرى يُعتقد أنها أُخطئت في التعرف عليها، مما يعكس خطر تحول التوترات إلى مواجهة عسكرية.

هل المواجهة العسكرية حتمية؟

رغم التوترات المتصاعدة، إلا أن اندلاع مواجهة شاملة بين قوات درع الوطن والقوات القبلية المدعومة من عمان لا يزال غير مرجح، لعدة أسباب:

  1. يسعى محافظ المهرة، الشيخ محمد علي ياسر، إلى احتواء التصعيد عبر الالتزام بالأعراف القبلية وتنشيط قنوات الحوار، مع تعزيز الأمن المحلي.
  2. تتبع الرياض نهجاً طويل الأمد في المهرة عبر تعزيز التعاون الاقتصادي مع مسقط، بما في ذلك الاستثمارات السعودية في عمان، مما يساعد على تقليل التوترات.

ومع ذلك، من المتوقع استمرار التوترات عبر الاحتجاجات المتفرقة، والهجمات المحدودة، والتصعيد الإعلامي. لذا، فإن الحوار بين السعودية وعمان ضروري للحفاظ على الاستقرار في المحافظة، إلى جانب جهود المحافظ للانخراط في حوار مباشر مع الحريزي لتخفيف حالة الاستقطاب السياسي.

 

* المصدر مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي