(صنعاء) – “صحيفة الثوري”:
نعى رئيس اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني، يحيى منصور أبواصبع، اليوم الاثنين 30 ديسمبر 2024، وفاة الشاعر والمناضل الدكتور سلطان سعيد شمسان الصريمي، عضو المكتب السياسي للحزب، الذي وافته المنية بعد صراع طويل مع المرض.
وأكد أبواصبع أن الراحل كان من أبرز الشخصيات الأدبية والوطنية التي أثرت الساحة اليمنية، حيث جمع بين الكلمة الحرة الملتزمة والنضال الدؤوب من أجل القضايا الوطنية والإنسانية. ووصفه بأنه “قامة وطنية وأدبية نادرة تركت بصماتها في الثقافة اليمنية وفي قلوب الشعب”.
وأشار إلى أن الصريمي، الذي وُلد عام 1948، كان شاعرًا مبدعًا ومجددًا للأغنية اليمنية، وقدم قصائد خالدة حملت رسائل عميقة تعبر عن آمال الشعب وتطلعاته. كما كانت حياته حافلة بالعطاء، سواء من خلال دوره السياسي كعضو في البرلمان أو من خلال عمله الثقافي الذي عزز الهوية الوطنية وساهم في تنمية الوعي العام.
وأضاف أبواصبع أن الراحل لم يكن مجرد شاعر، بل كان مناضلًا حرًا تعرض للسجن بسبب مواقفه المبدئية، وكان دائم الدفاع عن قيم العدالة والحرية. كما أصدر عدة دواوين شعرية أبرزها “أبجدية البحر والثورة” و”نشوان”، التي ستظل شاهدة على إرثه الأدبي والفكري.
واختتم رئيس اللجنة المركزية بيانه بالتأكيد على أن رحيل الدكتور سلطان الصريمي يمثل خسارة كبيرة للأدب والثقافة اليمنية، معرباً عن خالص تعازيه لأسرته وللشعب اليمني، ومشدداً على أن إرثه الثقافي سيظل حياً ومُلهماً للأجيال القادمة.
نص البيان
بسم الله الرحمن الرحيم
بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، وبألم عميق، ينعى رئيس اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني إلى اليمنيين كافة داخل الوطن وفي المهاجر وفاة عضو المكتب السياسي للحزب، الشاعر الكبير، رمز الكلمة الحرة الصادقة، والمناضل الفذ الأكثر نبلا وصدقا والأكثر انحيازا للقضايا الوطنية والإنسانية الدكتور سلطان سعيد حيدر شمسان الصريمي الذي انتقل إلى الرفيق الأعلى يومنا هذا الاثنين الموافق 30 ديسمبر 2024 بعد معاناة طويلة مع المرض تاركا وراءه إرثًا ثقافيًا وفنيًا سيبقى خالداً في وجدان الشعب اليمني.
لقد كان الدكتور سلطان الصريمي عضوا قياديا في الحزب الاشتراكي اليمني منذ عقود، وكان عضوا في لجنة الحزب المركزية منذ نحو ثلاثين عاما، وهو إلى جانب ذلك عضو في المكتب السياسي للحزب منذ عشرين عاما تولى خلالها مسئولية رئاسة تحرير صحيفة الثوري. وعلى المستوى الرسمي كان الفقيد الصريمي عضوا في برلمان الجمهورية اليمنية المنبثق عن انتخابات أبريل 1993.
إن سلطان الصريمي واحد من أبرز رموز شعراء الأغنية اليمنية، حيث أبدع في صياغة الكلمات التي نالت إعجاب الملايين، وأثرت في مشاعرهم وأحاسيسهم عبر عقود من الزمن، وصاغت الوجدان الجمعي لملايين اليمنيين. ولم تكن تلك الكلمات مجرد ألحان تُغنى، بل كانت تعبيرات عميقة عن الوطن والثورة والحب والأمل والحرية، تجسدت في أعماله الخالدة، وكانت تجسيدا لهموم الناس وأحلامهم وقضاياهم وتطلعاتهم، ولأنها كانت تصغي إلى صوت الإنسان اليمني في واقعه وتعبر عنه بلا مواربة فقد ظلت تتردد على ألسنة الأجيال.
إن شعر الدكتور الصريمي يحمل في طياته معانٍ عميقة، تعكس رؤية إنسانية وثقافية ثرية. فلقد كان شاعراً مجدداً في بنائه للقصيدة المكتوبة بالعامية والقصيدة المكتوبة للغناء، فمعجمه يستقي من اللهجة الواضحة أجمل ما فيها وينقل أعمق ما في الوجدان المشترك، ولقد استطاع بكل سلاسة أن يقدم رؤية جديدة للأغنية اليمنية مُدخلاً إليها عناصر من التراث الثقافي مما جعل أعماله تُشكل جسرًا بين الماضي والحاضر. ولقد كان له دور بارز في تعزيز الهوية الثقافية اليمنية، وبث روح الفخر والانتماء في نفوس الناس.
والدكتور سلطان الصريمي لم يكن شاعراً غنائيا فحسب، وإنما كان مثقفاً حراً ونقابياً ومناضلاً تعرض للسجن نتيجة مواقفه وخياراته السياسية ودفاعه عن القيم النبيلة، وهو رغم تواضعه وزهده صاحب حضور ثقافي وإنساني كبير أسهم في العديد من الفعاليات الأدبية والثقافية، وكان صوتًا مناصرًا للحرية والعدالة ومؤمنا بقوة الكلمة وفعلها وتأثيرها متخذا منها وسيلةً لتنمية الوعي الاجتماعي المقاوم للظلم والاستبداد.
لقد كان سلطان الصريمي بلا جدال قامة ثقافية وطنية لا تُنسى، تركت بصمات جلية في الوجدان اليمني، ورحيله يمثل خسارة عظيمة للأدب والشعر، وللثقافة اليمنية عموما، لكن بعض عزائنا أن تاريخه المضيء سيظل بيننا.
إن الفقيد سلطان الصريمي، المولود في العام (1948م) من القلائل الذين استطاعوا أن يُسجلوا حضورهم في التاريخ اليمني المعاصر بأسلوب أدبي متميز، حيث أثرت كلماته في واقع الحياة اليومية للناس، وأطربت مسامعهم من خلال قصائده المغناة التي أداها كبار قامات الفن والغناء في اليمن، وأغانيه في مجملها أعمال خالدة لم تكن مجرد ألحان، بل كانت تعبيرات عميقة عن هموم وآمال الشعب، تنقل مشاعر ملايين الناس وتجسد قضاياهم.
ولقد كانت كلمات الصريمي، وستظل، تعبيرا صادقا وشجاعا عن مشاعر اليمنيين وهمومهم وتحدياتهم، وتجسيدا للواقع اليمني، وكانت تعكس روح التغيير وتلامس قلوب الجماهير، وتحفر مكانتها في الذاكرة الوطنية متجاوزة حدود الزمن.
والفقيد الصريمي واحد من القلائل الذين رأوا في الكلمة سلاحاً، فاستثمر موهبته الشعرية ليعبر عن قضايا الوطن وهموم الناس، متناولًا تفاصيل حياتهم اليومية بصدق وإبداع، ولم يكن مجرد شخصية عابرة في الذاكرة اليمنية، بل كان رمزًا للحرية والطموح، يعبّر عن آمال شعبه في زمن كان فيه الحديث عن التغيير مخاطرة جسيمة العواقب.
أما حياته فقد كانت في المجمل مثالاً للعمل والدأب والتضحية، حيث بدأ تعليمه في كُتَّابِ قريته، ثم انتقل مع والده إلى جيبوتي، حيث أكمل دراسته الابتدائية. ورغم الظروف القاسية التي واجهها لم يستسلم، بل عمل بجد لتحقيق طموحاته، حيث انخرط في العمل بعد عودته إلى اليمن، وشارك في ثورة 26 سبتمبر 1962م من خلال التحاقه بالحرس الوطني، ومع مرور الوقت أتم تعليمه الأساسي والثانوي والجامعي، وحصل على الماجستير عام 1985م والدكتوراه في فلسفة العلوم الاجتماعية من موسكو عام 1990م.
كما شغل الفقيد الصريمي عدة مناصب في القطاع العام والخاص، حيث كان مديراً لعدة شركات ومؤسسات، بالإضافة إلى انخراطه في العمل الثقافي والسياسي، حيث كان عضواً فعالاً في الأمانة العامة لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، وأمينا عاماً لهذا الاتحاد لفترة طويلة، ومديراً لتحرير مجلة الحكمة التي يصدرها اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، ورئيس تحرير مجلة دروب، ورئيساً لمركز الكناري للاستشارات والخدمات الثقافية، ولقد كانت بصماته واضحة في كل ما قام به، حيث عمل على تعزيز الثقافة والأدب والنضال بالكلمة.
وأصدر الفقيد الصريمي سبعة دواوين شعرية، كان لكل منها صدى خاصا في قلوب محبيه، وهي: “أبجدية البحر والثورة”، و”نشوان” و”أحزان الشمس” و”هواجس الصريمي” و” زهرة المرجان” و”هموم إيقاعية” و”قال الصريمي” وغيرها الكثير من القصائد المنشورة في الصحف والمجلات. كما كتب المقالة الاجتماعية المعبرة عن قضايا يمنية، وشارك على مدى ما يقرب من أربعين عاماً في الدفاع عن الحقوق والحريات بمواقفه وقلمه، وإلى سنوات قريبة قبل أن يرهقه المرض ظلت كتاباته حاضرة في العديد من الصحف والمجلات بأعماله الأدبية والاجتماعية.
إن رحيل الدكتور الصريمي خسارة كبيرة ليس فقط للأدب والشعر، بل لكل من عرفه أو تأثر بأفكاره وأعماله، فقد كان شخصية محبوبة، قريبة من القلوب، دائم الابتسامة، يحمل في قلبه حباً عميقًا لوطنه وشعبه، ويعبر عن آلامهم وآمالهم بكلمات صادقة ومؤثرة، وكان دائم السعي لتحفيز الشباب ودعمهم في مساعيهم الأدبية والفنية وفي كل هذا كان نموذجاً يُحتذى في الإخلاص والوفاء لفنه ووطنه.
إن فقدان الدكتور سلطان الصريمي ليس مجرد فقدان لشخصية أدبية أو نضالية، بل هو فقدان لروح وطنية متجددة، كانت تسعى دائمًا إلى التعبير عن آمال الشعب وآلامه. وإننا إذ نرفع أكف الدعاء إلى الله سبحانه وتعالى أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يلهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان نؤكد على ان كلماته ستبقى حيّة في قلوبنا، وستظل تُلهم الأجيال القادمة.
سنبقى نردد كلمات الفقيد سلطان الصريمي، ونستمد من إبداعاته القوة والإلهام، وسنظل نحتفي بذكراه في كل لحظة، لأنه كان وسيظل جزءً لا يتجزأ من تاريخنا الثقافي والفني والوطني.
المجد كل المجد لذكرى الراحل الكبير ولروحه الخلود الأبدي
صادر عن:
رئيس اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني
يحيى منصور أبواصبع
صنعاء 30 ديسمبر 2024