صحيفة الثوري – كتابات:
كتبت: حمامة الصنوي
تعيش اليمن واحدة من أصعب المراحل في تاريخها الحديث، حيث تركت الحرب المستمرة تداعيات كارثية على الشعب اليمني ومؤسساته. مع تعمّق الأزمة الإنسانية والدمار الذي طال البنية التحتية والنسيج الاجتماعي، باتت الحاجة إلى بناء السلام واستعادة الدولة أمراً ملحاً، يتطلب حواراً وطنياً شاملاً ومسؤولية مشتركة من كافة الأطراف.
السلام لا يعني فقط توقف القتال، بل يتطلب وضع أسس اجتماعية وسياسية تضمن الاستقرار والتنمية. تحتاج اليمن إلى سلام شامل يعيد للدولة دورها المحوري، ويوحد الصفوف لمواجهة الأزمات المتفاقمة. بدون دولة قوية ومستقرة، لن تتمكن البلاد من تجاوز التحديات الإنسانية أو إعادة بناء الاقتصاد الذي يمثل شريان الحياة للمواطنين.
لا يمكن تحقيق السلام المستدام في اليمن إلا من خلال حوار يمني-يمني، إذ تتيح هذه العملية للأطراف فرصة للتفاهم وبناء رؤية مشتركة لمستقبل البلاد. أثبت التاريخ أن الحلول المفروضة من الخارج غير قادرة على تلبية احتياجات الشعب أو احترام خصوصياته. الحوار هو السبيل الأمثل لإنهاء الانقسامات الداخلية وإعادة بناء الدولة على أسس وطنية جامعة.
لضمان فعالية الحوار وتحقيق نتائجه المرجوة، يجب توافر عدد من الشروط: أن يكون الحوار شاملاً، يشمل جميع الأطراف السياسية والاجتماعية دون تمييز، بما في ذلك المجتمع المدني. كما يجب الابتعاد عن المصالح الشخصية أو الحزبية، والتركيز على ما يخدم الشعب اليمني ككل. ولتحقيق الاستدامة، يجب وضع آليات وضمانات تضمن تنفيذ الاتفاقات بشكل عادل وفعال، بمشاركة رقابة داخلية وخارجية.
يلعب المجتمع الدولي دوراً حيوياً في دعم جهود السلام في اليمن، من خلال توفير بيئة مواتية للحوار، وتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة، ودعم إعادة الإعمار. مع ذلك، يجب أن يظل هذا الدور محايداً، يهدف إلى تعزيز الحوار الداخلي بدلاً من فرض أجندات أو حلول خارجية قد لا تناسب الواقع اليمني.
إن استمرار الحرب لن يصنع منتصرين؛ بل سيزيد من معاناة الشعب ويدمر مقدرات البلاد لعقود قادمة. السلام يتطلب شجاعة وإرادة صادقة من جميع الأطراف لوضع المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار. الحوار هو الخيار الوحيد الذي يمكن من خلاله بناء دولة قوية تحقق تطلعات الشعب في العيش بكرامة واستقرار.
اليمن يقف اليوم أمام مفترق طرق: إما استمرار الصراع الذي سيؤدي إلى مزيد من الانهيار، أو العمل المشترك نحو السلام واستعادة الدولة. الحوار هو الجسر الذي يمكن أن ينقل اليمن إلى مستقبل مشرق ومستقر، يعتمد على إرادة وطنية خالصة تدرك أن بناء الدولة هو مسؤولية الجميع.