آخر الأخبار

spot_img

في ذكراه الـ٤٧.. الاشتراكي حزب جماهيري يتجدد أبداً

صحيفة الثوري- كتابات:

اللواء علي حسن زكي

لقد وُلد الاشتراكي من رحم المعاناة، حزبٌ جماهيري نشأ نشأة وطنية، قياداته من كل محافظات الجنوب وتتجدد في كل مؤتمر، لم يكن حزباً نُخبويّاً، لم يولد في بلاط الحكم، لم يولد في مواجهة الآخر، ولم تكن قيادته من منطقة/عائلة تتوارث القيادة.

في أغسطس ٦٣م تأسست نواته “الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل” لا لمسايرة وضع استعماري قائم أو استلهام مسمى كيان تم تأسيسه ليكون بديلاً في الحكم بعد رحيل المستعمر.

حزبٌ مؤسسي منذ نشأته، حيث كان للجبهة القومية برنامج سياسي/دليل نظري للثورة (الميثاق الوطني الذي تم إقراره في المؤتمر الأول لها في يونيو ٦٥م)، استوعب تحليلاً لمرحلة الاستعمار ولنضالات وتضحيات وإضرابات وانتفاضات شعب الجنوب ونقاباته وطلابه في المدينة عدن وقبائله في المناطق، وحدد مهام الثورة ورسم ملامح المستقبل، وسار على هداه حتى الاستقلال وبعد الاستقلال عبر برنامج استكمال التحرر الوطني.

من خضم تلك النضالات والتضحيات وانتصارات تحقيق الاستقلال وتأسيس وبناء الدولة الجنوبية المؤسسية وتحقيق منجزاتها في شتى مجالات ومناحي الحياة – سبق استعرضناها في مواضيع سابقة – تأسس “التنظيم السياسي الموحد الجبهة القومية”، على قاعدة النهج الديمقراطي والثوابت الوطنية، وبعد حوارات وتوحيد من المديريات والمحافظات وصولاً إلى أعلى الهيئات القيادية. تكلل كل ذلك بتأسيس وإعلان التنظيم السياسي الموحد “الجبهة القومية” في المؤتمر التوحيدي للفصائل الثلاث: الجبهة القومية، الطليعة الشعبية، واتحاد الشعب الديمقراطي، المنعقد في مارس ٧٥م في قاعة سينما بلقيس بحقات (قاعة فلسطين لاحقاً)، في لوحة تاريخية بديعة عكست وحدة الصف الوطني التنظيمي والسياسي.

بعد انتهاء الجلسة الختامية للمؤتمر اصطف عبدالفتاح وسالمين وعبدالله باذيب وعلي باذيب وأنيس حسن يحيى وعبدالغني عبدالقادر، وتشابكت أيديهم، ولأن التوحيد قام على الثوابت الوطنية والأصالة النضالية والسياسية والتنظيمية فقد اكتسب كل مقومات الديمومة والبقاء، وذابت معه الهوية التنظيمية لتلك الفصائل في هوية واحدة: التنظيم السياسي الموحد الجبهة القومية، وامتداده الاشتراكي الذي تأسس في عام ٧٨م. على أن الرئيس والأمين العام المساعد للتنظيم السياسي سالمين كان يرى أن تأسيس حزب اشتراكي قياساً بظروف المرحلة سابق لأوانه، والأفضل أن يكون بتسمية أخرى. ربما يكون ذلك من أسباب أحداث ٢٦ يونيو ٧٨م عشية انعقاده.

وإذا كان من الصحيح أن هناك خضّات ومنعطفات ألمّت (بتشديد الميم) بالجبهة القومية في ٢٢ يونيو ٦٩م (قحطان وفيصل ومن تم تسميتهم باليمين الرجعي)، وبالتنظيم السياسي الموحد في ٢٦ يونيو ٧٨م (سالمين وجاعم ولعور ومن تم تسميتهم باليسار الانتهازي)، وبالاشتراكي في ١٣ يناير ٨٦م، حيث فقد الاشتراكي في كل تلك الأحداث خيرة قياداته التي لا يمكن أن تتعوض بنضالاتها وتضحياتها وكاريزميتها وخبراتها وتجاربها، وفي وقت هو أحوج ما كان ويكون إليها. ولأسباب لم تكن داخلية فقط نتيجة حداثة التجربة ومخلفات ورواسب الماضي وربما حسابات سياسية ضلّت الطريق، وانتقال تناقضات المجتمع إلى داخله طالما لم يستوعب شركاء النضال التحرري في الحكم وفي مقدمتهم جبهة التحرير وجناحها العسكري التنظيم الشعبي.

إن أسباب تلك الخضّات لم تكن أسباباً داخلية كما استعرضناها فحسب، ولكن أيضاً كانت أسباباً محلية وإقليمية ودولية استهدفت الاشتراكي وخلفياته التنظيمية ودولته/دولة الجنوب منذ لحظة ولادتها.

وبشأن مشاركة جبهة التحرير في الحكم ولمعرفة الأسباب، يُحكى أن الجبهة القومية في محادثات الإسكندرية مع جبهة التحرير عشية الاستقلال عرضت عليها الشراكة في الحكم، وأن جبهة التحرير اشترطت أن تكون شراكة ثلاثية طرفها الثالث التنظيم الشعبي، فلم توافق الجبهة القومية حيث رأت في ذلك افتئاتاً عليها طالما كان التنظيم الشعبي جزءاً من جبهة التحرير وجناحها العسكري، بما هي لم تطلب شراكة جيش التحرير والقطاع الفدائي طالما كان تابعاً لها.

تلكم إطلالة على نشأة الاشتراكي في ذكراه الـ٤٧ وعلى تاريخه وتجربته، ما استطعنا إليه. نأمل أن نكون قد وفقنا، وهو مجرد مقال رأي قابل للصح والخطأ وما بينهما، ولا ريب في ذلك.