“صحيفة الثوري” – كتابات:
عبد الجليل عثمان
إن الوعي الاجتماعي قرين المعرفة وهو من الحقائق العلمية للوجود الانساني يرتبط بحاجات الانسان المادية والروحية.
أما الوعي السياسي لدى الفرد والجماعة او الحزب فهو نظرتهم تجاه المحيط العام في المجتمع وقدرتهم على قرأة الاحداث حولهم وتكوين رؤية موضوعية تتيح لهم ادراك اوضاع المجتمع وتوجهاته وتحليلها’ وتحديد موقفه منها.وما يريد تحقيقه’ ثم اختيار منظومة القيم والبدائل والسياسات التى تدفعهم للأنخراط في العمل العام من اجل ترسيخها والدفاع عنها خاصة عندما تمثل قضية وطنية كما تعيشه بلادنا من النتائج السلبية للانقلاب الحوثي واستمرار الحرب العبثية لسنوات طويلة.
ولهذا تكون عملية البناء المعرفي في جزء منها عملية بناء الوعي الفكري والسياسي ودور الاحزاب في تنمية هذا الوعي لدى اعضائها وبصورة مستمرة لرفع قدراتهم المعرفية والثقافية واكتساب المهارات والخبرات في عملية تراكمية.
ان ارتقاء وعي عضو الحزب الى درجة اعمق واشمل لتصبح افكاره ومفاهيمه اكثر توافقا مع الواقع الاجتماعي الجديد’ حيث ينشي الفكر الجدلي العلمي درجة ارقى في تطور الوعي المدرك نظريا والذي يهدف الى تنمية الوعي لدى الناس في سبيل المصالح الاجتماعية والسياسية التى تعبر عن مصالحهم’ ولكي يشترك الناس بنشاط في تحقيق القضايا التى يناضل من اجلها الحزب وبقية المنظومة السياسية المنحازة للفقراء وللطبقة الوسطى وبما يتلائم في سلام دائم وبناء نظام مدني اتحادي’ وتحسين ظروف معيشة افضل للشعب.
من اجل ذلك لابد من رفع مستوى وعي اعضاء الحزب والمجتمع من خلال التربية الفكرية والسياسية ليتم تحويل حركتهم العفوية الى مستوى الادراك النقابي والمطلبي والاحتجاجي وادخال الوعي الثوري اليهم ‘ مع الاخذ بالاعتبار خصائص الوعي الاجتماعي في اليمن في هذه المرحلة’ حيث نجد وعي الناس وتصرفاتهم ونفسياتهم والافكار التى يحملونها متعددة ومتناقضة وذلك بسبب التخلف في الواقع الاجتماعي وفي نزعات فكرة الانتهازية عند البرجوازية الصغيرة في التذبذب بمواقفها والطموح نحو التسلق في المناصب السياسية.
إن الوعي الموروث بثقافة الماضي يجد تعبيره الملموس في النزعات القبلية والمناطقية والمذهبية والسلالية والطائفية والانفصالية والتطرف الديني ويترجم ذلك بعدم الانسجام والتباين والانقسام في الوعي الاجتماعي حتى في ضل الوجود الاجتماعي الجديد للثورة في الشمال والجنوب’ حيث نمى نمط من الوعي الايديولوجي للبرجوازية الصغيرة متأثرا بظروف سيطرة النظام الاستعماري والسلاطيني في الجنوب’ وكذلك احياء الثقافة الكهنوتية السلالية الطائفية والقبلية في الشمال’ اضافة الى اثار الهجرة والدعاية للنمط الاستهلاكي في كلا الشطرين وهي تمارس تأثيرا نفسيا على الفئات الاجتماعية ومنها الفئات الطفيلية من شرائح كبار الموظفين والبيروقراطيين المدنيين والعسكريين وتبرز في حياتهم صورا للبذخ وامتلاك القصور والفلل والاراضي من خلال عملية الفساد والافساد السياسي والاقتصادي والمجتمعي وفي المغالات في المهور والتعالي على الناس البسطاء وظهور الفوارق الطبقية في المجتمع بين الاغنياء والفقراء التى قامت الثورتين ضدها..وهذه الظواهر في المجتمع تقوى نفسية المجتمع الاستهلاكي الغير منتج وتولد حالة من الشعور بالوصول الى الاغتناء بوسائل مشروعة( الهجرة مثلا) وغير المشروعة ومنها التهريب والسوق السوداء والاستيلاء على اراضي الدولة والمؤسسات العامة والسيطرة على الموارد الجمركية والجباية في المنافذ والنقاط الامنية والمرتبات الوهمية في المعسكرات التى تنشاء خارج مهام وزارة الدفاع والمال السياسي القادم من دول الاقليم للعبث بالسيادة اليمنية وغيرها من الاعمال الغير مشروعة في ضل غياب دور دولة النظام والقانون.
ان من يحملون هذا الوعي يقومون بتوظيفه في خدمة مصالحهم الذاتية في مجالات مختلفة وكانت في الماضي ولاتزال ابرز التحديات المعيقة لطموح قوى التحديث في المجتمع اليمني.
يتبع2