آخر الأخبار

spot_img

ملاحظات سريعة على دراسة الرفيق توفيق الشنواح: اليسار اليمني: من السطوة والنضال إلى الإزاحة والأضمحلال (1)

“صحيفة الثوري” – كتابات:

محمد عبد الرحمن

إطلعت علي دراسة الرفيق توفيق الشنواح، والتي حملت عنوان: (اليسار اليمني: من السطوة والنضال إلى الإزاحة والإضمحلال)

ومع احترامي وتقديري الكبيرين للرفيق توفيق الشنواح وللجهد الذي بذله في إعداد الدراسة. والذي أحسب بأنه أي الرفيق توفيق لا يزال منتمياََ ومتمسكاَ ووارثاَ ولو لقدر مهم من التراث الكفاحي لوالده المناضل السبتمبري والأكتوبري الشجاع، واليساري والاشتراكي المغوار، وشاعر الجياع علي مهدي الشنواح. فإني أضع هنا ملاحضات سريعة على الدراسته الهامة مركزاً بصورة خاصة على : العنوان الرئيسي للدراسة – والعنوان الفرعي: موت الفكرة ورجالها..

أولاََ : حول عنوان الدراسة:

أرى بأن العنوان كان صادماََ إلى حد كبير في شكللة ومضمونه، في منطوقه – كلماته ودلالته، ولكونه وبصورة كبيرةيتجاوز ويجافي المنطق والحقيقة الملموسة. ولأنه أتي من شخص يبدو أنه لا زال ينتمي بهذا القدر أو ذاك لليسار اليمني.. وصحفي يدرك معنى ودلالات العنوان.

صحيح أن اليسار اليمني وفي القلب منه الحزب الأشتزاكي اليمني قد تعرض عبر مجمل تاريخه الكفاحي لهزات مؤثرة، وضربات عنيفة ولهزيمة كبيرة خاصة في حرب صيف عام 1994 العدوانية على الجنوب وشراكته في الوحدة والسلطة، وعلى الحزب الاشتراكي، واليسار اليمني وقوى الحداثة والديمقراطية عموماََ، وعلى المشروع الوطني الوحدوي الديمقراطي النحديثي. اثرت ولا تزال على مستوى تاثيره وفاعليته… إلا أنها لم تصل إلى مستوى (الإزاحة والإضمحلال..) بل يمكن القول أنها وصلت وخاصة نتائج وتداعيات حرب صيف عام 94. إلى مستوى (التراجع والإنحسار).

هناك العديد من الشواهد والحقائق التي يمكن للباحث أو المراقب المحايد والمنصف ملاحظاتها والتي تؤكد بأن ما تعرض له اليسار اليمني والحرب الاشتراكي اليمني بالذات لم تؤثر على وجوده وأدئه وتاثبره إلى مستوى الإزاحة والإضمحلال _كما توحي بل وتجزم به الدراسة في عنوانها….

ومع أني لست عضوا في الحزب الاشتراكي اليمني، وأنتمي فكريا لليسار، وناشطاََ في حزب التجمع الوحدوي اليمني.

فإني سأعرض هنا وبصورة موجزة بعض الشواهد والحقائق الدالة على ذلك..

* مثلت حرب صيف عام 94 العدوانية والغادرة ضربة عنيفة وعميقة للحزب الاشتراكي اليمني، ولم يسبق لها مثيل في تاريخ الحزب واليسار اليمني عموماََ.ومع ان الحرب قد مثلت كارثة وطنية شديدة التأثير والنتائج لا زالت نتائجها وتداعياتها الكارثية قائمة حتي اليوم. إلا أنها بالنسبة للحزب بتائجها وتاثيراتها المباشرة:(. أخراج الحزب وبالقوة المسلحة من السلطة، وتشريد صف واسع من قياداته وكوادره خارج البلاد، واعتقال ومطاردة وإرهاب الألاف من اعضائه ونشطائه وفصلهم او توقيفهم من الوظيفة العامة، ومصادرة كافة أموال وممتلكات ومقرات الحزب وصحفه وارشيفه، وشن حملة تكفير وتخوين شديدة ضد الحزب. وغير ذلك) قد مثلت تحدي وجودي للحزب، وإلى حد أن الكثيرين من المحللين والمتابعين في الخارج وداخل البلاد كانوا يتسألون عنمن سيخلف الحزب ويملئ الفراغ الذي تركه.؟

ومع ذلك استطاع الحزب وبما يمتلكه من خبرات نضالية وتنظيمية عميقة، وتاثير كبير، وتواجد وأنتشار واسع.. وبالسرعة الفائقة من الثبات والاستمرارية ولملمت شتاته والنهوض من جديد… تجسد ذلك في:

  •  فبعد أيام محدودة من توقف الحرب، وصدمة الحرب وآثارها النفسية لا تزال قائمة وطرية، واصلت ((اللجنة العليا للإنصال والتنسيق للحزب الاشتراكي اليمني)) برئاسة القائد المناضل علي صالح عباد – مقبل – عقد اجتماعاتها وإصدار البيانات السياسية المعبرة عن مواقف الحزب، والبدء بالإعداد للملمت شتات الحزب.

وبعد أقل من شهرين عل نهاية الحرب في 7/7.94. عقد الحزب اجتماعاً موسعاً في الفترة من 1 إلى 6 سبتمبر، حضره وشارك فيه حوالي 800 عضواََ من أعضاء اللجنة المركزية، والكتلة البرلمانية وأعضاء لجان منظمات الحزب في كافة محافظات الجمهورية ممن ظلوا داخل البلاد، وفيه تم: انتخاب لجنة مركزية ومكتب سياسي وأمين عام جديد. للحزب { الأستاذ علي صالح عباد مقبل} – اتخاذ قرار بإدانة الحرب والإنفصال – وضع الاتجاهات الرئيسية للخط السياسي الجديد للحزب – اتخاذ قرار باعتبار قيادة الحزب داخل البلاد هي المركز القيادي للحزب.. وفي أكتوبر من نفس العام أعاد الحزب إصدار صحيفته الرئيسية (الثوري) وواصلت اللجنة المركزية والمكتب السياسي للحزب عقد إجتماعاتهما الدورية المنتظمة وادعادة بناء الحزب. و كافة منظماته المحلية ومنظماته في الخارج.

  •  استطاع الحزب استعادة قدراََ مهما من وجوده وتأثيره في النقابات والاتحادات الإبداعية والمهنية والعمالية ومنظمات المجتمع المدني عموماََ (كإتحاد الاُدباء والكتاب، ونقابات الصحفين، والإطباء والصيادلة، والمهندسين، والمحامين، …الخ)
  •  استطاع الحزب التمسك بمواقفة المستقلة وبقراره المستقل، رغم الضغوطات الشديدة التي مارسها ضده النظام الحاكم، واوضاعه المالية الصعبة، تمثل ذلك في : (قرار مقاطعة انتحابات عا97 ابرلمانية، – قرار أدنة الحرب والإنفصال معاََ، – رفض وادانة محاكمة ماسمي بقائمة ال16..، ورفض فصلهم من الحزب، بل وتثبيت عضويتهم في اللجنةالمركزية في مؤتمره الرابع. ورفض التعديلات الدستورية عام 2001.وتحت شعار واضح “حفاظاَ على النظام الجمهوري، نرفض تعديل الدستور” – وقرار عام 2008بعدم المشاركة في اية انتخابات برلمانية ومحلية ورئاسية قادمة، مالم يسبقها اجراء. اصلاح سياسي شامل، واعتماد نظام القائمة النسبية في انتخابات مجلس النواب ، وحل القضية الجنوبية، وقضية صعدة.
  •  تبني الحزب للقضية الجنوبية وإعتبارها قضية سياسية وقانونية وحقوقية حقيقية وغير مفتعلة. والمشاركة الفاعلة في تأسيس أطر ومكونات الحراك الشعبي الجنوبي، وفي أنشطته وفعالياته، وتوفير الغطاء الساسي للحراك الجنوبي وللقضية الجنوبية.
  • شارك الحزب في الانتخابات المحلية 2001،والبرلمانية 2003،والرئاسية والمحلية 2006.وحقق حضوراََ لافت في المجالس المحلية للمديريات والمحافظات.
  • المشاركة في الأعداد والتهيئة الإعلامية والسياسية والثقافية لثورة 11فبراير 2011.والمشاركة في قيامهاوفعالياتها، كما اسهم الحزب في إعداد الالية التنفيذية للمبادة الخليجية، والتوقيع عليها وفي حكومة التوافق 2012.وفي الإعدادوالتحضير لمؤتمر الحوار الوطني 2013..وكانت مشاركة الحزب في اعمال مؤتمر الحوار فاعلا ولافتاََ بممثليه وبأطروحاته ورؤيته تجاه مختلف قضايا الحوار وبحيث تم استيعاب حوالي 75%من اطروحات ورؤى الحزب في وثيقة مخرجات الحوار الوطني.

* في العاشر من يناير 1990 وبعد إعلان التعددية السياسية والحزبية في الجنوب بشهر واحد ظهر فصيل يساري جديد هو (حزب التجمع الوحدوي اليمني) ضم نخبة من المفكوين والمثقفين اليساريين اليمنين.

مثّل التجمع رافداً جديداً من روافد الحركة الوطنية الديمقراطية واليسارية اليمنية. إذ رفع الحزب منذ اليوم الأول لتاسيسه شعاره السياسي (الديمقراطية والمساواة وحقوق الإنسان) ولعب الحزب وصحيفته “التجمع” دورا مهاََ في نشر الديمقراطية والفكر المدني والديمقراطي، َورغم الضربات التي تعرض لها التجمع، بما في ذلك محاولة اغتيال أمينه العام. المناضل والمفكر السياسي عمر عبدالله الجاوي، واغتيال أحد مؤسسيه.. المهندس حسين الحريبي.. عام 1991 في قلب العاصمة صنعاء.. إلا أن التجمع استطاع الثبات والاستمرارية والإنتشار في معظم محافظات الجمهورية، وعقد مؤتمراته العامة، وتجديد قيادته، والإسهام في المعارضة للنظام الحاكم… وفي الثورة الشعبية السلمية.. فقد كان مقره في العاصمة صنعاء مكانا لإجتماعات ومركز انطلاق الطلائع الأولى لثورة الشباب.آل 11فبراير، 2011..وغير ذلك..

فهل بعد هذا وغيره الكثير… يمكن القول أو المجازفة بالقول بأن اليسار اليمني قد وصل إلى مستوى الإزاحة والإضمحلال…!!!؟؟؟

يتبع…