“صحيفة الثوري” – كتابات:
ا.د.محمد علي ( القحطاني)
شكلت عائدات النفط والغاز قبل عام 2015، أي قبل الحرب القائمة، حسب الإحصاءات الرسمية للدولة نسبة حوالي 70% من إجمالي الإيرادات العامة للدولة ونسبة حوالي 90% من إجمالي الصادرات اليمنية. وبفعل إستمرار الحرب الموجهة من دول الإقليم وبالأخص، (( إيران والسعودية والإمارات)) ودعم دول أخرى، انهارت مؤسسات الدولة وغادرت كل الإستثمارات الأجنبية من اليمن واهمها شركات انتاج النفط الخام والغاز الطبيعي المسال. ومع شمول الحرب للجانب الاقتصادي توقفت صادرات النفط الخام والغاز الطبيعي، الأمر الذي أدى إلى توقف امداد مصافئ تكرير النفط في عدن بالكميات التي كانت مخصصة للتكرير في مصافئ عدن لتغطية حاجة السوق اليمنية بالمشتقات النفطية وبنفس الوقت اوقفت شركة النفط نشاطها التجاري في شراء وبيع المشتقات النفطية بالالية التي كانت تعمل بها. حيث كانت الشركة تحتكر سوق النفط وتتكفل بالبيع بسعر موحد في جميع المحافظات اليمنية. الأمر الذي مهد لإتخاذ قرار تحرير المتاجرة بالمشتقات النفطية وبالتالى تمكن العديد من التجار أن يحلوا محل الشركة واستخدام خزاناتها المنتشرة في عموم المحافظات اليمنية وخزانات مصافئ عدن ومع رفع قيود الاستيراد عبر موانئ الحديدة دخلت العديد من شركات استيراد المشتقات النفطية وألغاز عبر هذه الموانئ، وهو الأمر الذي مكن سلطة الأمر الواقع في صنعاء من ايقاف جلب المشتقات النفطية وألغاز من المحافظات الجنوبية الواقعة تحت سيطرة الشرعية وبالتالي حدث تراجع حاد لحركة النقل في ميناء عدن وبصورة حادة بعد ان كان الميناء الرئيسي لاستيراد المشتقات النفطية لعموم المحافظات اليمنية ، كما منع جلب الغاز المنزلي للمحافظات والمناطق التابعة لسلطة صنعاءواستبدل بالاستيراد من إيران وغيرها وكل ذلك قد أدى إلى تراجع حاد في دخل حكومة الشرعية وارتفع دخل حكومة صنعاء، وبالتالى تعززت سلطة صنعاء واكتسبت قدرة أعلى لتمويل مجهوداتها الحربية وظلت المكونات العسكرية المنضوية تحت غطاء الشرعية تعتمد على دول التحالف الداعمة للشرعية وبالأخص السعودية والإمارات. إذ اصبحت معظم المكونات تعتمد اعتمادا كليا في التسليح ورواتب منتسبي الأولوية العسكرية بصورة مباشرة على الإمارات والسعودية وبالتالي فقد اصبحت معظم الألوية المسلحة في إطار الشرعية مقيدة بولاء لمن يمولها في كل شيئ، بما في ذلك المشتقات النفطية.
وقد تسبب كل ما أشرنا اليه لمضاعفة التدهور الاقتصادي وصولاً للانهيار الذي أبرز مظاهرة التضخم المتزايد والكساد الاقتصادي وتعميق مؤشرات البطالة والفقر المرتفعة للغاية وتعمقت الازمة الإنسانية وتعرى قادة الشرعية بوصغهم قيادات عاجزة عن حماية ما تحت قبضتهم من ديمجرافيا الدولة من الإنهيار الاقتصادي والإنساني وتمزيق الدولة إلى كنتونات متصارعة، كل منها يخدم اجندات تعمق انقسامات الدولة وتسير بها إلى مسارات غير معلومة.
وبرأينا انه في حالة إستمرار الحرب وعدم تحقيق السلام فينبغي على حكومة الشرعية، التي تقع جميع حقول النفط والغاز تحت سيطرتها ، العمل بما يلي:
اولا: إتخاذ قرار مصيري لسلطتها الشرعية ، المعترف بها دولياً يفضي بعودة كافة مؤسسات الدولة و منتسبيها للعمل داخل اليمن ، ويمنع المغادرة حتى تستعاد الدولة ويتحقق السلام. الأمر الذي سيمكن السلطة من تفعيل كل مؤسساتها وإعادة بنائها وبنفس الوقت توفير مبالغ كبيره بالعملات الأجنبية لميزانية الدولة وتنشيط الدورة الاقتصادية بمكوناتها المختلفة وتحسين ميزان المدفوعات اليمني.
ثانياً: التسريع بصيانة وتطوير مصافئ تكرير النفط الخام في عدن وحضرموت ومأرب. وتمكينها من تكرير المتاح من النفط الخام، بحيث يلغى قرار تحرير المتاجرة بالمشتقات النفطية والعودة للعمل بالاليات آلتي كان معمولا بها قبل الحرب باستخدام شركة النفط الوطنية.الامر الذي سيوفر كل المبالغ التي تذهب لاستيراد المشتقات النفطية من الخارج، بالعملات الأجنبية . ويمكن في حالة وجود فائض يتم تسويقة للدول الأفريقية المجاورة لليمن.
ثالثاً: سرعة استبدال وقود محطات توليد الكهرباء بوقود الغاز الطبيعي المسال، الذي تمتلك منه اليمن احتياطيات كبيرة وتكلفته أقل بكثير من المشتقات النفطية وأقل ظررا بالبيئة العامة. وبنفس الوقت سيشكل حلا جذرياً لمشكلة الكهرباء وبنفس الوقت توفير تكاليف المشتقات النفطية في حالة عدم التمكن من تكرير النفط الخام بكميات كافية لتغطية السوق اليمنية.
هذه حلول متاحة لمواجهة تداعيات مشكلة توقف صادرات النفط والغاز ويمكن في حالة العمل بها أن تؤدي إلى تحسين الوضع الاقتصادي والإنساني. فهل يمكن لمجلس القيادة الرئاسي وحكومته العمل بها؟ ام سيظلون بعيدا عن الواقع ، حتى تتفاقم المشاكل والاحتجاجات الشعبية ويفرض واقع جديد ، يمكن أن يكون له مضاعفات خطيرة عليهم وعلى مستقبل اليمن؟