آخر الأخبار

spot_img

بين وجع المرحلة وثقل الأمانة.. صرخة لا بد أن تُسمع

“صحيفة الثوري” – كتابات:

محمد أحمد الشيخ*

حين يضيق صدري ويختنق صوتي، لا لشيء إلا لأنني أجد نفسي رئيساً لنقابة المعلمين والتربويين الجنوبيين العاصمة عدن

في أكثر المراحل قسوةً وظلماً، أقولها بمرارة: ما أقسى أن تُجبرك الظروف أن تختار بين جوع أطفالك، وحق طلابك في التعليم. وما أوجع أن تقف عاجزاً، وأنت الذي اعتاد أن يكون في مقدمة الصفوف.

نعم، إنها مرحلة قاتمة، تُنتزع فيها حقوقنا وتُكمم فيها أفواهنا، حتى صرنا نرى مدارسنا خاوية إلا من جدران تئن بصمت. مرحلة جعلتنا أمام خيار مؤلم: هل نواصل تدريس أبنائنا، ونموت بصمت؟ أم نرفع أصواتنا ونقاوم الجوع والفقر والخذلان، حتى لو كان الثمن مؤلماً؟

أقولها اليوم بوضوح، نحن لا نتهرب من مسئوليتنا، بل نمارسها بكل أمانة. ولكن، أليست الحكومة أولى بتحمل المسئولية؟

أليست هي من وعدت وأخلّت، ومن وقّعت ثم تنصلت؟!

لا تطلبوا من المعلم أن يزرع النور في عقول أبنائكم وهو لا يملك ثمن شمعة في بيته. لا تحاسبوه على الغياب، وأنتم من جعل الحياة فيه غياباً متواصلاً للكرامة والحقوق.

إنني أخاطب اليوم كل ضمير حي: آباء، أمهات، مدراء، مسؤولين… لا تلقوا بثقل هذا الانهيار على كاهل المعلم وحده، فهو لم يعد قادراً على حمل المزيد. ألا ترون؟ ألا تسمعون صوته المتعب، صرخته الموجوعة؟!

المعلم ليس خصماً لكم، بل هو من يقف معكم، من أجل أبنائكم.

كفى تجاهلاً، كفى صمتاً، فالكارثة تتضخم، والنفق يزداد ظلاماً، ولا ضوء في نهايته إلا بتحرك حقيقي وجاد. إن الحكومة اليوم مطالبة بأن تخرج من دائرة الغياب، أن تتحمّل مسئولياتها وتتوقف عن مراقبة الانهيار وكأنها ليست طرفاً فيه.

وأنا، رغم التعب، ما زلت معكم، ولن أتنحى أو أتراجع. لكن لا بد من وقفة، نراجع فيها خطانا، نعيد ترتيب صفوفنا، ونستعد لجولة نضال جديدة، أكثر تنظيماً، وأكثر ضغطاً، وأكثر تأثيراً.

المعركة لم تنتهِ، والحق لا يسقط بالتقادم، وسنستمر بالإضراب، لا كرفاهية احتجاج، بل كصرخة كرامة ونداء حياة. لن نكون خنجراً في ظهر المعلم، بل سيفاً يقطع طريق الذل والإهانة. وسنعود قريباً بزخم أكبر، بخطة أوضح، وبروح أقوى، لأننا أصحاب حق، والحق لا يموت.

 

*رئيس نقابة المعلمين والتربويين الجنوبيين العاصمة عدن