آخر الأخبار

spot_img

(مجلس شيوخ الجنوب العربي) نقطة نظام.. الموضوع قابل للنقاش

صحيفة الثوري- كتابات: 

وضاح اليمن الحريري

تتوالى أصداء قرار نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، بخصوص تشكيل لجنة تحضيرية، تعد لتشكيل مجلس شيوخ الجنوب العربي، منقسمة هذه الأصداء بين موقفين رئيسيين، الأول متسائل وناقد باهتمام للقرار، أما الثاني فمهاجم ومستفز من المجموعة الأولى، ليس دفاعًا عن القرار أو تبريرًا وتوضيحًا له، لكن بهدف إشعال معركة سياسية، مبنية على الضيق والرفض للرأي الآخر، تعصبًا أو لعدم انتباه، أن موضوع القرار، لا يتعلق بالحاضر أو المستقبل، بقدر ما يتعلق بالماضي، باعتباره يوفر أدوات سياسية واجتماعية، يمكن الركون إليها لمعالجة بعض المشكلات السياسية القائمة، هذه الفرضية قد تبدو بأثر التجميل والتزيين، صحيحة، لكنها كأداة قد لا تحقق المرجو منها، لعدة أسباب أيضًا.

كانت إحدى المقولات الهامة في النشاط النضالي السلمي، للحراك الجنوبي، هي مدنية هذا النضال، القائمة على مبدأ التصالح والتسامح، وهو نفس المبدأ المتمثل في قاعدة بناء الميثاق الوطني الجنوبي، الذي ساهمت فيه القوى المشاركة في اللقاء التشاوري الجنوبي، مع أن هناك قوى جنوبية لم تلتحق باللقاء التشاوري، مما جعل الانتقالي يلتزم باستمرار الحوار معها.

هناك مسألة إضافية، لا بد من الالتفات إليها، للتعامل معها بإيجابية، يمكن النظر إليها من زاوية واسعة في رؤيتها وليست حادة، هي عدم تجيير النضالات الشعبية المتراكمة، لصالح تيار سياسي أو فئة بذاتها، بإثارة احتكاكات سياسية، مصدرها قرارات تُؤخذ بناءً على فرضيات التجيير الذي أشرنا له، بالأحرى فإن من يحمل الاستحقاق في هذه الحالة سيكون هو من ناضل، ليس كل من أكل على كافة موائد السياسة والمصلحة، خلال اللحظات التي كان يُحمى فيها الوطيس.

المسألة إذن ليست شخصية بالمرة، كذلك لا تعني قوة سياسية أو فئة اجتماعية أو جهة مناطقية بذاتها بحيث تستهدف إقصاءها. لأن الحديث هنا عن أثر القرار ومدى ما يخلقه من فرص تشبيك الروابط المدنية وقيمها وليس تمزيقها، أما الذين يتحسسون البطحات على رؤوسهم فهذا شأن آخر يعنيهم لوحدهم أو من يعتقدون أن وقت القطاف قد حان لهم فقط، كل ما يتم تناوله، بين الفريقين، في الأساس يجب ألا يتجاوز أصول النقاش والحوار، بغض النظر أين يقف صاحب الرأي من موقفه، كما إنها مسألة يجب أن تكون خارج إطار التطبيل والمزايدة أو الابتزاز السياسي، من هذا أو ذاك.

إن التأسيس على بُعد فئوي اجتماعي معين، تتأثر بأدواره اللاحقة فئات اجتماعية أخرى، إذا سرى تفويضه أو بناؤه كأداة سياسية للتحالف معها، سيشكل في طريقه عقبة أمام استحقاقات المواطنة على الأصعدة المختلفة بحسب الميثاق الوطني الجنوبي، ليس لأن الفئة المُدللة بهذا القرار، دون غيرها، ستتسلط على رقاب العباد اجتماعيًا وسياسيًا، هذا غير صحيح، قد لا يستطيعون ذلك أبدًا، إنما لأن معايير التفضيل بين الفئات والشرائح الاجتماعية، التي قام على أساسها هذا التشكيل، يمكن أن نقول التمثيل، غير مفهومة وأخلّت بشروط من الواجب أخذها في الحسبان، عند الارتكاز على فكرة الإرث الماضي، وشخوصه وأدوارهم، أما عند الارتكاز على المستحدثين من هذه الفئة، ستبدو المشكلة أعظم، مع كثرة المتربصين، بفرصة التواجد في السلطة والقبض على عناصر القوة، أيا كان موقعها وشكلها وأدوارها التي ستلعبها.

عند هذه اللحظة المهمة، ليصمت من أراد وليبدِ رأيه ويناقش الموضوع من أراد، بنية التدارك ودراسة الأمر بقدر كاف، من المسافة الزمنية، ما بين التحضير والإعلان، لمعرفة الأثر والتبعات اللاحقة، إذا كنا نبحث، عن حل مناسب، يلبي شروط الشراكة والتوافق والبناء.

إذن حول (مجلس شيوخ الجنوب العربي) وقرار تشكيل اللجنة التحضيرية لتأسيسه، الموضوع يصبح قابلًا للنقاش والأخذ والرد وليس حتميًا بالضرورة، استنادًا إلى أثره الذي سينجم والذي سينعكس مباشرة على الآخرين، بمقدار ما سيفوض به، نكررها بكل ثقة، لأنها باحتمال كبير للتحقق، ستقود إلى مزيد من التمزيق والتصدع الجيوسياسي والاجتماعي، لهذا الجنوب، بحسب الارتباطات والمصالح.

تشتيت الجهود والقوى، بهذا التمييز المستعجل دونًا عن بقية الفئات الاجتماعية، لن يأتي بأي محصلة، لها ثمار تُقطف، إنما قد يوفر بنادق أكثر، لتهديد وتصفية الخصوم والمخالفين، لتدور عجلة التدمير الذاتي، من تلقاء نفسها، مستغلة ثغرة التهافت السياسي، بالبحث عن أي حل، ليتحمل المشكلة من يتحملها، مع فتح أبواب التشدق والمراهنات، على السقوط، أكثر منها على النجاح، لذا وجب التأكيد على هذه المسألة، ليدلي كل بدلوه، كي يظهر الغث من السمين، لأننا ما زلنا في بداية الطريق، الذي قد يُراد له أن يكون أطول من اللازم.