آخر الأخبار

spot_img

التظاهر والاحتجاج السلمي: حق مشروع وواجب وطني

(صحيفة الثوري) – كتابات :

بقلم / أحمد ناصر الحاج الظاهري

تعاني مدينة عدن من أزمة إنسانية خانقة خلال الأيام الثلاثة الماضية، تمثلت في انقطاع الكهرباء بشكل متواصل، ما تسبب في كارثة إنسانية غير مسبوقة منذ إنشاء شبكة الكهرباء في المدينة عام 1926 من قبل السلطات البريطانية. وقد انعكس هذا الانقطاع على حياة المواطنين والمرافق العامة والخاصة، ليضيف إلى معاناتهم الناجمة عن التدهور الاقتصادي المستمر وانهيار قيمة العملة الوطنية، مما أدى إلى ارتفاع جنوني في الأسعار، وسيطرة الفئات الطفيلية على سوق العملة على حساب معيشة المواطنين واستقرارهم.

إن هذه الأوضاع تمثل صورة واضحة لحالة الفشل الإداري والحكومي، وعجز السلطة بكل مكوناتها السياسية عن إيجاد حلول ناجعة تخرج البلاد من هذا الواقع المأساوي. وما لم يتم اتخاذ قرارات جادة ومسؤولة، فإن الأزمة ستتفاقم بشكل قد يؤدي إلى عواقب وخيمة.

في ظل هذا الوضع المتدهور، خرجت الجماهير إلى الشوارع في مظاهرات غاضبة في عموم محافظة عدن، وهو حق مشروع تكفله القوانين الوطنية والمواثيق الدولية، بما فيها المادة 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تضمن الحق في التظاهر والاحتجاج السلمي.

لكن من الضروري أن تظل هذه الاحتجاجات في إطارها السلمي، وألا تتحول إلى أعمال تخريبية تلحق الضرر بالممتلكات العامة والخاصة، فهذه الممتلكات هي حق الشعب، وليست ملكاً للحكام أو السلطات. إن التظاهر السلمي أمام المقرات الرسمية والمؤسسات الحكومية هو الوسيلة المشروعة للتعبير عن المطالب، أما اللجوء إلى قطع الطرقات، أو إضرام النيران في الإطارات، أو نشر الدخان في سماء المدينة، فهو يزيد من معاناة المواطنين، خاصة في ظل انعدام الكهرباء، ويؤثر سلباً على المرضى والبيئة العامة.

إن حرف مسار الاحتجاجات عن أهدافها المشروعة لا يخدم القضية الأساسية، بل يمنح الفرصة للبعض لتشويه مطالب الشعب وإجهاضها. لذلك، من الضروري الحفاظ على سلمية التظاهرات والالتزام بالوسائل الحضارية للتعبير عن الغضب الشعبي.

في المقابل، فإن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي، وعليهما التحرك العاجل لوضع حلول عملية وسريعة، واتخاذ قرارات حاسمة تكشف مكامن الخلل وتحاسب الفاسدين الذين يعبثون بمقدرات البلاد. إن استمرار الأوضاع على ما هي عليه دون حلول جذرية سيفضي إلى مرحلة لا يمكن للناس تحملها، ولا يمكن لأصحاب القرار الاستمرار فيها.

إن الاستجابة السريعة لمطالب الشعب، ومواجهة الأزمات بروح المسؤولية الوطنية، هما السبيل الوحيد نحو تجاوز هذه المحنة، ووضع البلاد على طريق الاستقرار والتنمية.