“صحيفة الثوري” – في الذاكرة:
سام أبوأصبع
في كل مراحل الحركة الوطنية، وفي أشد لحظات تاريخها ظلامًا وسوادًا، ظل العم علي عبداللطيف الهندي شامخًا كجبل، صامدًا كصخرة، لم يحد عن درب النضال، ولم يمل أو يهادن. كان رفيقًا وفيًا، وحزبيًا ملتزمًا، ومناضلًا لا يعرف الخنوع، فبوصلة قلبه كانت دائمًا تشير نحو الهدف، وطريقه كان طريق رفاقه من المناضلين الأوائل الذين أضاءوا دروب الثورة بدمائهم وكفاحهم.
العم علي، ذاك الوجه الجميل، كان نبعًا للأمل المتدفق، يفيض بالروح النقية التي كانت تملأ أي مجلس يحضره. في حديثه، كانت تجتمع البساطة والحكمة، وكان سرده لتجاربه في الحزب والحياة درسًا في الالتزام والصمود.
كيف لا وهو الذي بدأ حياته عاملًا وبناءً مكافحًا، انضم إلى صفوف منظمة الفلاحين الثوريين التابعة للحزب الديمقراطي الثوري، أحد فصائل الحزب الاشتراكي اليمني في الشمال في أواخر الستينات. وبعد ذلك، عمل في التعاونيات حيث كان مع رفاقه يمدون الطرق، ويعمرون المدارس، ويبنون بجهدهم مستقبلًا حلموا به ووضعوا أسسه.
أكتب إليك على البعد، أنا رفيقك وتلميذك، ويعتورني التقصير تجاهك. أتمنى أن أراك قريبًا، سالمًا ومعافى. اشتقت لجلساتك، لكلامك، وتلهفك على سماع أخبار البلد والحزب ومناضليه، وتحليلاتك الثاقبة.
أستحضر جلساتك المفعمة بالحيوية، كيف كنت تروي قصص المناضلين الكبار، عن عبدالفتاح إسماعيل وسالمين، وعن رموز الحركة الوطنية. وأتذكر حديثك عن رفاقك الأقرب في المنطقة والقرية، الذين تقاسمت معهم الكفاح والبؤس والحلم. كان حديثك عنهم مزيجًا من الوفاء والاعتزاز، وكأنهم لا يزالون يعيشون في قلبك، وكأن ذكراهم لم تغب عن ذاكرتك لحظة.
لقد حمل العم علي عبء القيم النبيلة في زمن ضاعت فيه القيم، واحتفظ بوفائه لأولئك الرفاق الذين غيبتهم المراحل. لم يمت كثيرون منهم، لأن أمثاله حملوا حكاياتهم ورووا قصصهم، وظلوا أوفياء للطريق الذي بدأوه.
أيها العم الجليل، سلام على أرض أنجبتك، وسلام على قريتك الضهابي، وسلام عليك وأنت هنا بيننا. متعبٌ نعم، لكنك حاضرٌ بكل قيمك وصمودك ووفائك. سلام على روحك النقية التي لم تعرف الميل أو الانكسار، وسلام على يدك التي حملت المنجل والمطرقة. سلام على يدك الشريفة التي شققتها معاول البناء، وعلى جسدك الذي أنهكه النضال لكنه لم ينحنِ يومًا.
نحن شهود على مسيرتك، وعزاؤنا أنك رغم تعبك تظل حاضرًا بقوة بيننا، تحمل إرثًا لن يضيع أبدًا.